هكذا لمالك في الموازية والواضحة، ولم يقيد ذلك في الموازية، بل في الزكاة الثاني: يترك له ما يعيش به هو وأهله الأيام، وحملها في البيان على العشرة ونحوها. قال: وليس بخلاف للقول الذي وقع في الشهر، وإنما هو على قدر الأحوال، وما جرى عليه العرف من التقوى في ذلك المكان، قال: والمراد بالأهل في المدونة أزواج المفلس ومن تلزمه نفقته من رقيقه وولده، وأمهات أولاده ومدبرته، وكذلك قال المازري: التحقيق أن يترك له نفقة اليومين والثلاثة خوفاً من كسله أو مرضه في غده وما بعده. وما ذكره المصنف هو المشهور، ولمالك في رواية ابن نافع لا يترك له شيء.
ولا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْسِبَ
أي: لقوله تعالى: (وإن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ)[البقرة: ٢٨٠] ورأى اللخمي أن الصانع يجبر على التكسب؛ لأنه على ذلك عومل بخلاف التاجر، قال: وعلى التاجر تكلم مالك، قال: وكذلك يجبر على العمل إذا باع منافعه؛ مثل أن ينسج لرجل ثياباً أو يخيط ثياباً مدة معلومة، قال: ويفترق الجواب إذا كان محتاجاً إلى ما ينفق، فإن الصانع يتداين ليعمل ويقضي، فإنه يبدأ بنفقته ونفقة عياله، ثم يقضي دينه من الفاضل، وإن باع منافعه مدة معلومة بدئ بالذي استأجره وإن أدى ذلك إلى أن يتكفف؛ لأن منافعه صارت ملكاً لمن اشتراها فأشبه من باع سلعة ولم يسلمها حتى افتقر؛ فإنه [٥٢٦/ب] يسلمها وإن تكفف، إلا أن يخاف عليه الموت فيخير الذي استأجره بين أن يسلفه ما يعيش به دون عياله حتى يتم عمله، أو يتركه فيعمل عند غيره بمثل ذلك؛ لأنه إن منع هلك، ولا ينتفع المستأجَر بشيء.