مجهول الحال والمتهم، وأما معلوم الملاء فلا تقبل منه بينة إلا بذهاب ما بيده، نص عليه اللخمي والمازري وغيرهما بأن تقول البينة: كنا نرى تصرفه في بيعه وشرائه ونزول الأسواق ونفقته على عياله ونقص ماله. اللخمي: وكذلك لا تقبل البينة ممن عليه دين منجم أدى بعضه ثم ادعى العجز إلا ببيان ذهاب ما بيده، وكذلك أيضاً الرجل يطلب برزق ولده بعد طلاق الأم فلا تسمع منه البينة إلا بذهاب ما بيده؛ لأنه بالأمس قبل الطلاق كان ينفق فهو اليوم أقدر لزوال نفقة الزوجة عنه.
وقوله:(حَلَفَ) هذه من المسائل التي يحلف فيها المدعي مع بينته، وكدعوى المرأة على زوجها الغائب بالنفقة والقضاء على الغائب. وقوله ضابطه كل بينة شهدت بظاهر يستظهر بيمين الطالب على باطن الأمر، قال في المقدمات: وصفة يمينه أن يحلف أنه ليس له مال ظاهر ولا باطن، وإن وجد مالاً ليؤدِّينَّ له حقه، وهذه الصفة ذكرها في المدونة عن الخليفتين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وذكرها أيضاً صاحب الوثائق المجموعة والمتيطي وغيرهما، وبها أفتى ابن العطار وابن لبابة، وذكرها ابن سهل عن جماعة كثيرة، وإن ادعى عليه بعد أن حلف أنه استفاد مالاً لم يكن للغرماء تحليفه. قال في المقدمات: وهذه فائدة زيادة قوله في اليمين: وإن وجد ليؤدين. حكى ابن الهندي عن محمد بن إسحاق بن السليم قاضي قرطبة: أن عبد الملك بن أيمن كان يزيد في اليمين الواردة عن الخليفتين وأنه يعجل الأداء؛ لأنه قد يؤدي إليه بعد زمان طويل فيبر في يمينه، وفي ذلك ضرر على أصحاب الدين، ويزيد: ولئن رزقه الله مالاً وهو في سفر ليعجلن الأوبة والأداء. ابن الهندي: وهذا كله استظهار واليمين المذكورة كافية؛ لأنها على نية المحلوف له.
قوله:(وأُنْظِرَ) فيه إشارة إلى الاحتجاج بقوله تعالى: (فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ)[البقرة: ٢٨٠] ورد على أبي حنيفة في قوله: إن صاحب الدين يلازم الغريم، ووجه الدليل أن الله تعالى أوجب إنظاره إلى اليسر.