للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَصِفَةُ السَّفِيهِ أِنْ يِكُونُ ذَا سَرَفٍ فِي اللَّذَّاتِ الْمُحَرَّمَةِ بِحَيْثُ لا يَرَى الْمَالَ عِنْدَهَا شَيْئاً ....

ولو قال: (والسفه السرف في اللذات ... إلخ) لكان أحسن لكونه أخصر، ولأنه مقابل للرشد، واشتراطه أن تكون اللذات محرمة، قال ابن عبد السلام وغيره: هو خلاف ظاهر المدونة، ولا يقال: قوله جارٍ على قول من يرى أن الفسق موجب للحجر؛ لأن هذا القائل يرى أن مجرد الفسق يوجب الحجر، والمصنف [٥٣٤/ب] قد اشترط أن يكون ذات سرف فيها، ويكفي في السفه كونه مسرفاً في اللذات المباحة والمكروهة، وفي المدونة والجواهر: وصفة من يحجر عليه من الأحرار أن يكون يبذر ماله مسرفاً في لذاته من الشرب والفسق وغيره، فقوله: (وغيره) يبين لك ذلك، وأيضاً فإن قوله في حد الرشد: أن يكون حافظاً لماله، يدل على أن من يسرف في اللذات المباحة وغيرها سفيه؛ إذ لا واسطة بين السفه والرشد، وقال المازري: وقولنا: إن التبذير في غير الفسوق يوجب الحجر فكيف بالتبذير في الفسوق، فظاهره أن التبذير في المباحات يوجب الحجر، لكن قال بعد ذلك: وأما أنفاقه في الملاذِّ والشهوات وجمع الجماعات لأكل الكثير من الطيبات في المبيتات والمؤانسات، ففيه إشكال، وقال بعض أصحاب الشافعي: إنه يوجب الحجر، وعن ابن القصار كذلك، ولكن شرطه بشرط وهو أن يكون ما فضل عنه من ذلك لا يتصدق به ولا يطعمه [فقال: وقوله: (ولا يطعمه)] بعد ذكره الصدقة الظاهر أنه أراد إطعامه لإخوانه وهذا [قدر يسير إلا] أنه [لا] يرى ما ذكرناه عن بعض أصحاب الشافعي أنه يوجب الحجر وعلى هذا فيكون كلام ابن القصار يوافق ظاهر كلام المصنف، وانظر لو كان السفيه المبذر لماله في شهواته يتجر بما في يده تجارة تصير إنفاقه في شهواته من الربح ورأس المال محفوظ؛ أي المال الذي بيده، وفي الحجر على هذا إشكال.

<<  <  ج: ص:  >  >>