وقوله:(فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ)؛ يعني: وأما الثلث فما دونه فلا حجر عليها في ذلك، إما لأنها لما كانت محجوراً عليها لغيرها كانت كالمريض، فيكون من باب تخصيص الخبر بالقياس، وإما لما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم خطب يوم عيد وأتى النساء فقال:«تصدقن» فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطهن وخواتمهن.
فيجمع بين الحديثين بجواز اليسير دون الكثير، والثلث هو اليسير المأذون فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«الثلث والثلث كثير» لاسيما وقد روى ابن حبيب أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجوز لامرأة أن تعطي من مالها شيئاً له بال بغير إذن زوجها"، وشمل الزوج العبد، وهو ظاهر المذهب، ورواه أشهب وابن نافع عن مالك، وقال ابن وهب في العتبية: العبد بخلاف الحر لزوجته الحرة أن تتصدق بجميع مالها. أصبغ: وليس بشيء وله من الحق ما للحر. محمد: ولولي السفيه أن يحجر على زوجته، ومفوم كلام المصنف أنه لا يمنعها من الثلث فأقل، ولو قصدت به الضرر، وهو قول ابن القاسم وأصبغ في الواضحة، وقال مطرف وابن الماجشون وأشهب عن مالك: إذا تصدقت بالثلث فأقل على وجه الضرر بالزوج فله رده. واختاره ابن حبيب، وقيل: إن ضرت بالثلث رد لا بأقل.
قوله:(أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ) يدخل فيه التدبير، وهو قول ابن الماجشون، ولمالك في رواية ابن القاسم ومطرف أنه يمضي وإن زاد على الثلث، واختلف أيضاً إذا أعتقت ثلث عبد لا تملك غيره، فقال ابن القاسم وابن أبي حازم: ذلك ماضٍ، وقال ابن الماجشون: هو مردود.
واحترز (بِمَا لَيْسَ بِمُعَاوضَةٍ) من البيع والشراء ونحوهما فلا حجر عليها في ذلك، واختلف: هل لها أن تقرض كالبيع - وهو قول ابن دحون؛ لأنها تقتضيه - أم لا كهبتها، وهو قول ابن الشقاق؟ ومنع في المدونة كفالتها؛ أي في أكثر من الثلث، واحتج به من منع قرضها، وفرق بأن في القرض هي الطالبة وفي الحمالة هي المطلوبة.