للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَالصُّلْحُ عَنِ الدَّيْنِ كَبَيْعِ الدَّيْنِ، وَعَنِ الْبَعْضِ إِبْرَاءٌ عَنِ الْبَعْضِ، وَالْوَضِيعَةُ لازِمَةٌ

أي: إذا ادعى عليه ديناً فأقر به فصالحه عنه، فإن صالحه عن جميعه بعرض يأخذه منه فذلك كبيعه منهن فيشترط في الصلح ما يشترط في بيعه، وإن صالحه عنه بترك بعضه فهو إبراء عن البعض وما وضع عنه فهو لازم له؛ لأنها هبة مقبوضة، ويشترط فيها قبول الموهوب في حياة الواهب، وهي يكفي في ذلك قبول الموهوب له بعد موت الواهب؟ فيه قولان.

وَيُقَدَّرُ الدَّيْنُ وَالْمَقْبُوضُ كَالْعِوَضَيْنِ

أي: ويقدر الدين المدعى فيه والمقبوض عنه كالعوضين في البيع؛ أي كما لو باع الدين بعوض فما يجوز في البيع يجوز في الصلح، وما يمتنع يمتنع.

فَيُعْتَبَرُ: ضَعْ وَتَعَجَّلْ، وَحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُكَ، وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ

عطف بالفاء لأنه كالنتيجة عما قبله، و (ضَعْ وَتَعَجَّلْ) يكون في العين وغيرها، كما لو ادعى عليه بعشرة دراهم أو عشرة أثواب إلى شهر فأقر بذلك ثم صالحه على ثمانية نقداً.

(وَحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُكَ) إنما يكون في غير العين، كما لو ادعى عليه بعشرة أثواب إلى شهر فصالحه على اثني عشر نقداً، وإن صالحه عنها بدنانير أو دراهم مؤجلة لم يجز؛ لأنه فسخ دين في دين، وهذا معنى قوله: (وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ)، وكذلك يعتبر الصرف المؤخر كما لو صالحه عن [٥٣٩/أ] دنانير مؤجلة بدراهم أو بالعكس، وكذلك يعتبر بيع الطعام قبل قبضه، فلا يجوز لمن ادعى بطعام من بيع أن يصالح عنه بغيره، وكذلك يشترط معرفة ما يصالح عنه، فإن كان مجهولاً لم يجز، ولذلك اشترط في المدونة في صلح الولد للزوجة على إرثها معرفتها بجميع التركة وحضور أصنافها وحضور من عليه العرض وإقراره وإلا لم يجز، وكأن المصنف نبه بالموانع الثلاثة على ما عداها.

<<  <  ج: ص:  >  >>