فإن قيل: فأنتم تجيزون بيع الكتابة مع إمكان أن يشتري كتابته تارة ورقبته أخرى، قيل: أصل الحوالة رخصة، لأنها مستثناة من بيع الدين بالدين، فلا يتعدى بها ما خفف منها انتهى.
والاعتراض على ابن شاس أقوى منه على المصنف، لأن ابن شاس صرح بالخلاف فيها.
فإن قلت: لا يلزم من عدم الاطلاع على الخلاف ألا يكون، قيل: قال ابن عبد السلام: إنما أنكرنا على المصنف وابن شاس ذكر الخلاف بعد طول البحث عنه في مظانه ولم نجده مع الاستعانة في ذلك بمن يظن حفظه، فإن قلت: لم لا تجعل الاستثناء في قوله: (إِلا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ اشْتَرَطَهُ فِي نُجُومِ الْكِتَابَةِ) راجعاً إلى الجملة الأولى ليوافق المنقول، ولا يكون حينئذ على كلام المصنف اعتراض. قيل: لم يقل أحد بعوده إلى الجملة الأولى فقط، وإنما اختلاف هل يعود للأخيرة فقط، أو للجميع؟ نعم، قد يعود إلى الأولى بقرينة، ولا قرينة.
تنبيه: عارض الأشياخ اشتراطه في المسألة الثانية في الجواز أن يعجل عتق الأعلى وقالوا: لا معنى لهذا الشرط، ورأوا أن لفظ الحوالة كاف في ذلك، لأنها تستلزم براءة ذمة المحيل بنفس عقد الحوالة. المازري: وعندي أن هذا الشرط ليس ملغى، والقدر فيه عندي أن السيد إذا أحيل على كتابة مكاتب لمكاتبه فإنه لم يتعجل قبض الكتابة، فيكون ذلك كما لو قبض من مكاتبه جميع الكتابة، فيكون حراً بقبض جميعها، وهذه هنا لم يقبض، فيمكن أن يكون القصد بها أن يوقف العتق حتى يعلم ما يحصل للسيد الأعلى أو يقصدان بذلك أن يتمادى السيد الأعلى على نجوم كتابة الأسفل، وإن عجز قام له المكاتب الأعلى ببقية الكتابة التي كانت له عليه ولو قصد ذلك لكان ذلك ممنوعاً في أحد القولين، لأن المعاوضة التي لا تجوز بين الأجنبيين يسامح بها بين المكاتب وسيده إذا اشترطا تعجيل العتق، لكون السادات يندبون إلى عتق عبيدهم، ولهم أن يعتقوا بغير