المحال في أنه قبض ما استحق فلا تفريق، وإن حكم بأن القول قول المحيل فهل للمحال أن يرجع على المحيل؟
اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: إذا رفع أمره إلى القاضي لم يحكم له على المحيل بشيء؛ لأنه قد اعترف المحيل ببراءة ذمته بالحوالة، فليس له أن يطالب ذمته بدين وهو معترف ببراءتها منه، ولا يصح أن يحكم له القاضي بما يعرف أن الحكم به باطل، ومنهم من ذهب إلى أنه يحكم له القاضي؛ لأن الذي حكم به القاضي من تصديق المحيل في أنه وكل وكالة على القبض لا يقتضي سقوط دعوى المحال، قال: وهذا القول إنما يتصور عندي لو كان المحيل معترفاً بدين المحال، ولكن المنازعة إنما وقعت في المقبوض.
خليل: وانظر على هذا لو ادعى رب الدين على المديان أنه أحاله، وأنكره المديان فتوجهت اليمين عليه وحلف هو: هل يجوز له إذا أنكر المحال عليه الحق أن يطالب المديان؛ لأن مقتضى دعواه أنه لم يبق له قبله شيء، وإنما المحال عليه هو الذي ظلمه، أو يقال: من حُجة صاحب الدين أن يقول للمديان: أنت لما أنكرت الحوالة فأنت معترف ببقاء حقي في ذمتك، ونظير هذه المسألة لو ادعى الزوج الدخول وأنكرت ثم طلقها، فهل لها أن تطلبه بجميع الصداق لاعترافه، أو ليس لها؛ لاعترافها أنها لا تستحق إلا النصف؟ في ذلك خلاف.
وقوله:(جَرَى لَفْظُ الْحَوَالَةِ) يقتضي أن الحوالة تفتقر إلى اللفظ، وهو صحيح، ففي العتبية عن ابن القاسم في المطلوب يذهب بالطالب إلى غريم له فيأمره بالأخذ منه ويأمره الآخر بالدفع، فيتقاضاه فيعطيه بعض الحق أو لا يعطيه شيئاً؛ لأن للطالب أن يرجع على الأول؛ لأنه يقول: ليس هذا حوالة بالحق، وإنما أردت أن أكفيك التقاضي، وإنما وجه التحول أن يقول: أحيلك بحقك على هذا وأبرأ إليك، وكذلك أيضاً لو قال: خذ من هذا حقك وأنا بريء من دينك. وما أشبه ذلك، قاله في البيان. قال بعض الشيوخ: وكذلك لو قال: اتبع فلاناً بحقك على الحوالة [٥٤٣/ب] فاختلف قول مالك