والثاني: أنه يخالفها لحق المتحمل له، وخرج بأهلية التبرع الصبي وفاقد العقل والعبد والمريض فيما زاد على الثلث، ومذهب المدونة جواز كفالته بالثلث، وقال محمد: حمالة المريض جائزة ما لم يدخل على أهل دينه نقص بها ولا يكون المتحمل عنه مليئاً، فإن كان مليئاً جازت بكل حال، وقال عبد الملك: إن كان الغريم مليئاً لزمته الكفالة بالثلث، وإن كان عديماً بطلت ولم تكن في الثلث؛ إذ لم يرد بها الوصية، وكذلك المرأة ذات الزوج فيما زاد على ثلثها إلا أن يجيزه الزوج، وأما في الثلث فيصح أنها أهل للتبرع فيه.
وإلى هذا أشار بقوله:(فَيَصِحُّ ضَمَانُ الزَّوْجَةِ فِي الثُّلُثِ)، يريد وما زاد عليه يسيراً كالدينار ولا خلاف في منعها فيما زاد على الثلث إذا كان الغريم معسراً، وأما إذا كان موسراً فقال اللخمي: منعه ابن القاسم، وأجازه ابن الماجشون، وهو أشبه؛ لأن الغالب السلامة، ونبه المصنف على ذات الزوج؛ لأنه قد يتوهم الجواز فيها مطلقاً لكونها لا تؤدي شيئاً في الحال.
تنبيه:
لا إشكال في أن منع الزوجة من الحمالة فيما زاد على ثلثها إنما هو لحق الزوج، فلذلك إذا ضمنته هو جاز وإن استغرق مالها، فإن ادعت أنه أكرهها على أن تحملت له أو عنه لم يقبل منها إلا ببينة عند ابن القاسم، ووافقه أشهب في الحوالة لها به، وألحق بالبينة إذا كان المتحمل له عالماً بأن زوجها أكرهها، قال: فإن أنكر المتحمل له العلم فعليه اليمين إن ظن به ذلك كالجار القريب والنسب، وقال فيما إذا ادعت أنه أكرهها على أن تحملت له: إن عرف بالإساءة لها وقهرها فالقول قولها، ورأى أن هذه قرينة حال تشهد بصدقها.
محمد بن عبد الحكم: وإن تكفلت ذات زوج برجل آخر على ألا مال عليها فلزوجها رد ذلك؛ لأنه يقول: تحبس وأُمنع منها، وتخرج للخصومة وليس ذلك عليَّ.