للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عبد السلام: ومسألة الموازية لا تقبل هذا التأويل.

وأجاب المازري عن الإشكال الوارد عن المسألتين بأن الناس يعتقدون أن من له الدين يطالب من هو عليه في الآخرة، قال: ويؤيد اعتقادهم هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه» فأشار إلى أحكام الآخرة، وإن مات وعليه دين كان الأمر فيه هكذا، وامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه حتى يقضى عنه دينه، كما ورد في الحديث.

وإذا تقرر هذا وأمكن أن يريد رب الدين - لما سئل أن يحلل الميت المديان - بتحليله ألا يطالبه في الآخرة، وإسقاط إثم المطل عنه إن كان مطله، فهذا مما يختلص بالغريم دون الحميل فيحلف من له الدين أنه لم يرد إلا إتباعه في الآخرة ويبقى الحميل مطلوباً بما تحمل به، ولا يسقط عنه بالشك ما كان عليه باليقين، فلما رأى المصنف وابن شاس ما في هاتين الروايتين من الإشكال تبعاً في ذلك ما ذكره الباجي وغيره من الشيوخ، على أنه يمكن الجمع بينهما بأن يحمل ما ذكره الباجي وابن شاس والمصنف على الغريم الحي، وما في الروايتين على الغريم الميت، ولا يبقى في المسألة خلاف، وهو الذي يؤخذ من تعليل المازري.

ويحتمل أن يحمل ما ذكره الباجي على ما إذا لم يشترط رب الدين أن يأخذ أيهما شاء، بخلاف مسألة العتبية والموازية، فإنه نص فيهما على الاشتراط، وهذا هو الذي يؤخذ من كلام الباجي؛ لأنه قال: إذا وهب الطالب حقه للغريم برئ الحميل ولو وهب الحق للحميل لم يبرأ الغريم، وعليه أن يؤدي للمتحمل له ثم قال:

فرع:

ومن أخذ حميلاً بثمن سلعة على أن يأخذ أيهما شاء بحقه، فمات الغريم فحلله الطالب، وذكر الروايتين. [٥٤٥/ب]

قوله: (بِخِلافِ الْعَكْسِ) أي فلا يلزم من براءة الحميل براءة الأصل، وهكذا في المدونة.

<<  <  ج: ص:  >  >>