للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمد: لأنه يدخله الصرف بخيار، قال: وعلى القول بمنع المصالحة يرجع على الطالب بما دفع إليه، وعلى الجواز فقيل: يرجع الكفيل على المطلوب المتحمل عنه بما تحمل عنه به، وقيل: يخير المتحمل عنه، فإن شاء أغرمه ما غرم عنه، وإن شاء غرم الذي كان عليه والقولان قائمان من المدونة.

فإن قيل: فما وجه القول بالفرق بين المقوم والمثلي؟ قيل: لأن المقوم لما كان يرجع فيه إلى القيمة، وهي من جنس الدين، والحميل يعرف قيمة سلعته فقد دخل على القيمة إن كانت أقل من الدين، وإن كانت أكثر فقد دخلا على أخذ الدين وهبة الزيادة، بخلاف المثلي؛ لأنه من غير جنس الدين فلا يعرف فيه الأقل والأكثر؛ لأن الأقل والأكثر لا بد أن يشتركا في الجنس والصفة، فكانت الجهالة في المثلي أقوى، قال جماعة: ولا خلاف في الجواز إذا دفع من الصنف الذي على المديان، ولكن أدنى منه أو أجود؛ إذ لا يشك أحد أن الدافع لا يختار إلا الأخف.

وعورضت بقوله في المدونة فيمن أمر رجلاً يشتري له سلعة بالعين ولم يدفع إليه شيئاً، فاشتراها بغير العين: أن الآخر مخير في ترك ما اشتراه، ولا إشكال أن يدفع للمأمور ما ودى عنه، وكان ينبغي إن رضي بالشراء أن يدفع له الأقل مما أمر به أو قيمة ما اشترى به بجامع أن كل واحد من الوكيل والكفيل فعل غير ما أمر به لقصد المعروف، وتردد بعضهم في صحة هذه المعارضة، وفي الفرق بأن المأمور مأذون له في السف؛ لأن الفرض أن الآمر لم يعطه شيئاً، فإذا أمضى الآمر فعله فإنما أمضاه على الوجه الذي فعله وهو السلف، وأما الكفيل فلم يؤذن له في شيء بوجه، وإنما قصد هو من جهة نفسه التطوع، فلا يكون على الغريم إلا الأقل.

واعلم أن الضامن يتنزل منزلة الغريم؛ فما جاز للغريم أن يدفعه عوضاً عما عليه جاز للضامن، وما ليس فليس، فلو ضمنه في عروض عليه من سلم لم يجز له أن يصالح عنها

<<  <  ج: ص:  >  >>