اعلم أن هذه المسألة على وجهين: أحدهما: أن يكون الحملاء غرماء بأن يشتروا سلعة وهي التي ذكرها المصنف، والثاني: أن يكونوا حملاء ليسوا بغرماء؛ أي يتحملوا بدين هو على غيرهم، ولم يتعرض المصنف لهذا الوجه.
ولا خلاف في مسألة المشترين أن من دفع يطالب صاحبه الذي يلقاه بما يقع عليه من المال، ولا يأخذ منه المائة التي تلزمه في خاصَّته، ويقتسمان ما بقي، وأما إن كان الحقُّ على غيرهم فاختلف إذا أخذ الحق من بعضهم ثم لقي الآخر هي يقاسمه بالسواء في الغرم، وإليه ذهب ابن لبابة والتونسي وغيرهما.
قالوا: لأنهم سواء في الحمالة وليس يخص أحدهم ما لا يخص غيره، أو إنما يقاسمه بعد إسقاط ما يخصه كالأول، وإليه ذهب كثير من الأندلسيين، ونحوه في المدونة وفي سماع أبي زيد في المستخرجة؟ وجعلوا ما ينوب كل واحد من [٥٤٧/أ] المال وهي مائة بالحمالة كما لو كان عليه دين، ونص المسألة على الوجه الثاني من المدونة.
مالك: وإذا تكفل ثلاثة رجال بمال على رجل حمالة مبهمة فأعدم الغريم، لم يكن للطالب على من لقي من الحملاء إلى ثلاث الحق، إلا أن يشترط في أصل الكفالة أن بعضهم حميل عن بعض، فحينئذٍ إن غاب أحدهم أو عدم أخذ من وجد منهم مليئاً بجميع الحق، وإن لقيهم أملياء لم يأخذ من كل واحد إلا ثلث الحق؛ إذ لا يتبع الكفيل في حضور الغريم وملائه.
ولو شرط: أيكم شئت أخذته بحقي، ولم يقل: بعضكم كفيل ببعض، فليأخذ أحدهم بجميع الحق وإن كانوا حضوراً أملياء، ولا رجوع للغارم على أصحابه؛ إذ لم يؤدِّ بالحمالة عنهم، ولكن عن الغريم، ولو قال: بعضكم كفيل ببعض وقال مع ذلك: أيكم شئت أخذته بحقي، أو لم يقل، فإنه إن أخذ من أحدهم في هذا جميع المال رجع الغارم على أصحابه إذا لقيهم بالثلثين، وإن لقي أحدهم رجع عليه بالنصف. وذكر ابن حبيب عن