لأن هذا ليس بدين لازم، ولهذا لو عطفه بالفاء لكان أولى؛ لأن المكاتب لو عجز عنه رجع رقيقاً والحميل يحل محل المتحمل عنه، فإذا كان الدين ليس ثابتاً على الأصل فأحرى فرعه، وهو الحميل، وهذا هو المعروف، وقال محمد بن عبد الحكم: لا بأس بالحمالة بالكتابة كما لو تحمل رجل عن عبد غير مأذون له بالتجارة بمال أو عن رجل في ولاية بشيء اشتراه أحدهما أن ذلك يلزمه. وإن ذهب ماله باطلاً فهو الذي رضي بهذا.
ابن يونس:[٥٤٨/ب] ولا أعلم أن لي في هذا القول رواية، وذكر المازري أن بعض الأشياخ خرَّج قولاً بجواز الحمالة بالكتابة من قول أشهب في من قال لرجل: كاتب عبدك وعلي مائة دينار؛ لأن الحمالة بالكتابة عند هذا المخرج إنما منعت؛ لأن المقصود من الحميل حصول العتق للمكاتب، فإذا عجز لم يحصل العتق ووجب بطلان الحمالة.
وهذا المعنى حاصل في مسألة أشهب، فإذا لم يكن معتبراً عنده فيها وجب ألا يعتبر في الكتابة، وردَّهُ المازري بأن من كاتب عبده على أن أعطاه حميلاً بالكتابة فقد أعطاه حميلاً بدين قد لا يثبت، فلم يصح ذلك، وفي مسألة أشهب إنما دفع إليه مالاً على أن يستأنف الكتابة فيرفع حقه في بيع العبد وانتزاع ماله والحجر عليه، فصار هذا كالمعاوضة، قال: وهذا مما ينظر فيه لإشكاله.
فرع:
والمنع إنما هو مع عدم اشتراط تعجيل العتق، وأما لو تحمل رجل بالكتابة على شرط التعجيل فهو جائز، ويكون للحميل الرجوع على المكاتب، قاله في المدونة.
قوله:(وَلا بِالْجُعْلِ قَبْلَ الْعَمَلِ) قرره ابن راشد وابن عبد السلام على أنها منعت قبل وجازت بعد الشروع، وفيه نظر من وجهين: