وقوله:(طَلَبهُ بِسَفَرِ مِثْلِهِ) الضمير في (مِثْلِهِ) عائد على الحميل، وكذلك قال في الجواهر، وقال اللخمي: إن لم يعلم موضعه وحيث توجه كان عليه أن يطلبه في البلد، وفيما قرب.
واختلف إذا عرف موضعه، فقال أصبغ: يطلبه على مسيرة اليوم واليومين، وحيث لا مضرة فيه. وقال ابن الماجشون: يخرج لطلبه قرب أو بعد، ما لم يتفاحش، فأما ما يكون من أسفار الناس فليخرج، أو يرسل أو يؤدي عنه.
ابن حبيب: والشهر ونحوه من أسفار الناس، وقال ابن القاسم في العتبية: يعتبر في هذا ما يقوى الكفيل عليه فيكلفه وما لا يقوى عليه فلا يكلفه، وقد حكى المازري هذه الثلاثة الأقوال وحكاها أيضاً صاحب البيان. قال بعد هذا: وحكى فضل عن ابن عبد الحكم أن السلطان يتلوم له فإن جاء به وإلا حبسه حتى يأتي.
والظاهر أن المصنف أراد بقوله:(سَفَرِ مِثْلِهِ) قول ابن الماجشون، فإن قلت: بل أراد قول ابن القاسم، قيل: لفظة: (يقوى) تعطي من الوسع ما يعطي (سَفَرِ مِثْلِهِ).
فإن قلت: لعل المصنف أراد إذا لم يعلم موضعه قيل: هناك لم يشترط سفر المثل، وإنما قالوا يطلبه في البلد وما قرب منه.
فرع: ولا يلزم حميل الطلب غرم، وإن لم يأت بالغريم إلا أن يمكنه بعد الأجل إحضاره، ففرط حتى هرب أو أنذره حتى هرب، قاله غير ابن القاسم في المدونة.
أبو الحسن: وهو تتميم وتفسير، وهكذا قال في العتبية؛ لأن فيها: وإن أثبت الطالب أنه خرج وأقام بقريته ولم يتمادى عاقبه السلطان بالحبس بقدر ما يرى، أو يأمره بإحضار صاحبه إن قدر عليه، وأما أن يضَّمنه المال فلا، إلا أن يلقاه فيتركه فيضمن إن أثبت ذلك عليه، وكذلك إن كان غيبه في بيته ولم يظهره، ولهذا قال ابن الهندي: عليه أن يحلف ما قصر في طلبه ولا دلس فيه ولا يعلم له مستقر.