يعني: لو خلطا الطعامين في الشركة الفاسدة، أما على قول مالك فلأن الشركة في الطعامين لا تقع إلا فاسدة، وأما على قول ابن القاسم فكما لو وقعت على تفاضل الربح والعمل، أو في نوعين مختلفين كقمح وشعير، فالمشهور أنه تعتبر قيمة كل طعام منهما يوم الخلط، ولهذا التقدير الذي ذكرناه أفرد المصنف الضمير في (قِيمَتُهُ).
وقوله:(ورُويَ: يُقْسَمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) هو لمالك في الموازية، وفهم اللخمي هذه الرواية على أن كل واحد يضمن لصاحبه مثل نصف طعامه، وإنما اقتسما على المساواة لأنهما على ذلك دخلا، وهو حسن، وأبقاها التونسي على ظاهرها؛ أي: من غير غرم، وقال في توجيهها: لأن كل واحد لم يكن متعدياً في خلطه، ودخل على أنه لا فضل له على صاحبه، ثم استشكل ذلك فقال: وقد تكون قيمة الشعير مفرداً عشرة، وقيمة القمح مفرداً عشرين، فإذا اختلطا صارت قيمة الشعير خمسة عشر، فكيف يصح أن يقتسماه نصفين؟ وإنما زادت قيمة الشعير بالقمح؛ فيجب أن يكون الزائد لرب القمح.
المشهور مذهب المدونة، ولم أقف على الشاذ، ولعله منع لاجتماع البيع والشركة، وإنما أجاز في المشهور هنا، ومنع في التأخير الدنانير والدراهم؛ لأنه ليس في العين والعرض إلا مانع واحد، وهو البيع والشركة، وهو مغتفر في أصل الشركة بخلاف الدراهم مع الدنانير، فإن في ذلك علتين: البيع والشركة والصرف من غير مناجزة، والله أعلم.