للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بين الشريكين في هذه الأمة إذا أراد المقاواة قبل الوطء، فأما إذا وطئ أحدهما فقد لزمته القيمة إن شاء شريكه، وأما إن حملت فلا بد من القيمة في يسر، شاء شريكه أو أبى. ولم أقف على القول الثالث.

واختار اللحمي التفرقة بين أن يكون الشريك فعل ذلك جهلاً معتقداً للجواز - فيجوز بقاؤها على الشركة وتحت أيديهما، وبين أن يكون وطؤه لها وهو عالم بتحريم فعله - فلا يجوز إبقاؤها على الشركة إلا أن تكون بيد الشريك الآخر، بشرط أن يكون مأموناً، واحتج بما قاله ابن القاسم في كتاب المدنيين فيمن وطئ أخته من الرضاع بملك اليمين: أنها تباع عليه إن كان عالماً، وإن ظن جواز ذلك ولم يتهم على العودة لم تبع، وتعقب التونسي قول ابن المواز المتقدم: (إنما تكون المقاواة في هذه الأمة ... إلخ) فقال: وقوله: (إنما تكون المقاواة قبل الوطء) صواب.

وقوله: (إذا وطئ فقد لزمته القيمة [٥٥٤/أ] إن شاء شريكه) إن كان مراده أن الشريك قد أذن له في الوطء - فتجب القيمة من غير توقف على مشيئة الشريك الآخر، كالأمة المحللة، وإن كان بغير إذنه فهو متعد إنشاء صاحبه أمضاها وإن شاء قاواه فيها.

واعلم أن الأمة المشتراة للتجارة ثم يطؤها على ضربين:

أحدهما: أن يشتريها للتجارة من غير قصد وطء، ثم يطؤها.

والثاني: أن يشتريها ليطأها على أن الخسارة والربح فيها على المال، وهذه الثانية هي التي ذكر فيها في المدونة الخلاف، وأما الأولى فيخير شريكه بين مطالبته بالقيمة أو تركها بينهما إن لم تحمل، هكذا قاله جماعة من علمائنا رضي الله عنهم.

وفي قوله: (أَمَّا لَوْ كَانَ بِإِذْنِهِ تَعَيَّنَ التَّقْوِيمُ) الإتيان بجواب أما من غير فاء، وهو لا يكون إلا نادراً: كقوله صلى الله عليه وسلم: «أما بعد: ما بال رجال» وقد كثر هذا في كلام المصنف فتتبعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>