يقتسما على قدر عمليهما فيجري ذلك مجرى جمع الرجلين سلعتيهما في البيع، وعلى هذا تجوز الشركة بين مختلفي الصنعة إذا كانت الصنعتان متلازمتين، ونص اللخمي على الجواز فيما إذا تشاركا وأحدهما يحيك والآخر يخدم ويتولى ما سوى النسج إذا تقاربت قيمة ذلك، قال: وليس ذلك كالصنعتين المختلفتين؛ لأنهما هنا إما أن يعملا جميعاً أو يعطلا جميعاً، ولم يكن هذا غرراً. وعلى مثل هذا أجيزت الشركة في طلب اللؤلؤ، أحدهما يطلب الغوص والآخر يقذف أو يمسك عليه إذا كانت الأجرة سواء.
ثانيها: أن يتحد المكان، والعلة فيه كالأولى؛ لأنه يحتمل أن ينفق أحد المكانين دون الآخر، وأجاز في العتبية كونهما في مكانين إذا اتحدت الصنعة.
عياض: وتأوله شيوخنا على أنهما يتعاونان في الموضعين، وأن نفاق صنعتهما في الموضعين سواء، وعلى هذا فيكون الخلاف وفاقاً للمدونة؛ إذ ليس المقصود الجلوس في موضع إلا لتقارب استوائهما. وحمل اللخمي العتبية على الخلاف، وهذان الشرطان هما اللذان ذكرهما المصنف.
والثالث: أن يتساويا في الصنعة أو يتقاربا، وإلا فلا تجوز الشركة إلا على قدر التقارب، كما لو كان أحدهما يعمل قدر الآخر مرتين، ويكون بينهما على الثلثين والثلث.
اللخمي: ولو تباينا في الجودة والرداءة وكان أكثر ما يصنعانه الأدنى - جازت شركتهما؛ لأن صاحب الأعلى يعمل الأدنى، ولا حكم للقليل، وإن كان الأكثر هو الأعلى أو كان كل واحد كثيراً - لم يجز؛ لأنه غرر وتفاضل.
الشرط الرابع: أن يكون في اشتراكهما تعاون؛ ففي العتبية سئل عن صيادين معهم شباك، فقال بعضهم لبعض: تعالوا نشترك فما أصبنا فهنو بيننا. فضرب أحدهم شبكة فأخرج صيداً وأبى أن يعطي الآخرين، فقال: ذلك له، وليس لهما فيما أصاب شيء؛ لأنها