تكبيرة الإحرام، والتحميد، والتشهد الأول، والجلوس له، والتشهد الآخِر، وأما ما سواها فلا حكم لتركها، ولا فرق بينها وبين الاستحباب إلا في تأكيد فضائلها، انتهى بمعناه.
النية إن اقترنت فلا إشكال في الإجزاء، وإن تأخرت عن تكبيرة الإحرام فلا خلاف في عدم الإجزاء، وإن تقدمت بكثير لم يجزئ اتفاقاً، وبيسير قولان: مذهب عبد الوهاب وابن الجلاب وابن أبي زيد- وهو الذي اقتصر عليه المصنف- عدمُ الإجزاء.
واختار ابنُ رشد وابن عبد البر والمتيوي في شرح الرسالة الإجزاءَ، قال ابن عات: وهو ظاهر المذهب.
خليل: وهذا هو الظاهر، ومن تأمل عمل السلف، ومقتضى إطلاقات متقدمي أصحابنا يرى هذا القول هو الظاهر؛ إذ لم ينقل لنا عنهم أنه لابد من المقارنة، فدل على أنهم سامحوا في التقديم اليسير. قال في المقدمات: وليس عن مالك ولا عن أصحابه المتقدمين نص في ذلك، ولو كان عندهم فرضاً لما أغفلوه ولتكملوا عليه. ولأن اشتراط المقارنة طريق إلى التوسوس المذموم شرعاً وطبعاً. ثم الذي يظهر لي أن قول الآخرين بشرطِ المقارنة معناه أنه لا يجوز الفصل بين النية وتكبيرة الإحرام؛ لأنه يشترط أن تكون مصاحبة للتكبيرة، وإلى ذلك أشار المازري، بل يؤخذ منه أنه حمل المقارنة على ما إذا لم يحصل فصل كثير، ولفظه: الْمَشْهُورِ عندنا ما ذكره القاضي من قصر الوجوب على حالة الإحرام، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: يجوز تقديمها على الإحرام بالزمان اليسير. قال: وبعض أشياخي يشير إلى تخريجٍ في هذا من الطهارة، فإنه اختلف في تقديم النية فيها بالزمان اليسير. وقد ينفصل عنه بأن النية في الصلاة آكد للإجماع على وجوبها. انتهى.
وقوله:(أَوْ تَقْدِيمُهَا وَتُسْتَصْحَبُ) ظاهرٌ إذ استصحابها بنيةٍ.