يعني: أن العرف كما قيد المطلق على ما قدمه في قوله: (وبع إلى أجل) يقيده العرف، فكذلك يخصص العام، كما لو قال له: اشتر لي ثوباً من أي الأثواب شئت. فإنه يتقيد بما لا يليق بالآمر، وهذا مثل ما في المدونة: إذا استعار دابة يركبها حيث شاء وهو بالفسطاط فركبها إلى الشام أو إفريقية، فإن كان العرف عاريته إلى مثل ذلك فلا شيء عليه وإلا ضمن. قال: والذي يسرح دابته لرجل يركبها في حاجة ويقول له اركبها حيث شئت يعلم الناس أنه لم يسرجها له إلى الشام.
وِلا يَبِيعُ بِعَرَضٍ ولا نَسِيئَةٍ ولا بِتَغَابُنٍ فَاحِشٍ إِلا بِإذْنٍ
لما ذكر أن العرف يقيد في جانب الشراء أشار إلى أنه يقيد أيضاً في البيع، فإذا قال له: بع هذه السلعة. فمحملح على البيع بالنقد المعتاد بثمن المثل إلا بإذن. واشتمل كلام المصنف على ثلاث مسائل فلنتكلم على كل بانفرادها:
الأولى: لا يبيع بعرض، بل ولا بغير نقد البلد، فإن فعل كان متعدياً. ففي السلم الثاني من المدونة: ويضمن حين باع بغير عين إلا أن يجيز الآمر فعله ويأخذ ما باع به. زاد في الوكالة، وقال غيره: إن باعها بعرض ولم يفت فليس له تضمينه، وخير الآمر في إجازة البيع وأخذ ما بيعت به، أو نقضه وأخذ سلعته، وإن فاتت خير فيما بيعت به من عرض، أو تضمين الوكيل قيمتها ويسلم ذلك العرض للوكيل.
عياض: وهو وفاق. وفي الموازية: إن فاتت بتغير البدن أو لسوق فكما ذكرنا، وإن لم تفت بأحدهما فيخير الآمر في إجازة البيع أو تباع السلعة المأخوذة، فإن كان فيها زيادة أخذها، وإن نقصت عن القيمة ضمن الوكيل تمامها.