أي: والذهول عن النية- بعد الاقتران- مغتفر للمشقة. وكان سحنون يُعيدها، ولعله على الورع. وعن ابن العربي: إن عزب بأمر خطر في الصلاة، أو بسبب عارض في الصلاة لم يضر، وإن كان بأسباب متقدمة دنيوية قَوِيَ تركُ الاعتداد.
خليل: وقوله: (بِخِلافِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ) أي: الرَّفْضِ، فإنها تبطل على الْمَشْهُورِ كالصوم، بخلاف الحج والوضوء، فإن الْمَشْهُورِ فيهما عدم الرفض، وقد تقدم هذا.
فإن قيل: فما الفرق على الْمَشْهُورِ؟ قلتُ: لأنه لما كان الوضوء معقول المعنى- بدليل أن الحنفية لم توجب فيه النية- والحج محتوٍ على أعمال مالية وبدنية لم يتأكد طلب النية فيهما، فرفضُ النية فيهما رفضٌ لما هو غير متأكد، وذلك مناسب لعدم اعتبار الرفض، ولأن الحج لما كان عبادة شاقة، ويُتمادى في فاسدِه- ناسَبَ أن يال بعدمِ الرفضِ رفعاً للمشقة الحاصلة على تقدير رفضه، والله تعالى أعلم. وما ذكرناه هو الذي كان شيخنا رحمه الله يُمَشِّيه عليه، وهو الذي يؤخذ من الجواهر، وهو أحسن ممن حمل كلامه على عدم اغتفار عزوب النية عند الخروج من الصلاة، وأنه لابد من استصحابها عند الخروج بالسلام، لأن هذه المسألة سيذكرها المصنف، ويذكر فيها قولين.
في هذه المسألة ثلاثة أقوال، يُفرق في الثالث بين العامد فتبطل، وبين الساهي فلا تبطل.
ثم هذه المسألة لها صور: إن سلم من اثنتين، ثم قام وأتى بركعتين بنية النافلة فالمعروف عدم الإجزاء، وإن لم يسلم فصورتان: الأولى: إن ظن أنه قد سلم من فريضته فقام إلى نافلة، فإن ذكر بالقُرب رجع إلى فريضته وسجد بعد السلام، وإن لم يذكر إلا بعد ركوعه في نافلته أو طول قراءته فالْمَشْهُورِ بطلان فريضته.