للوكيل توكيل غيره؛ لأن الموكل لم يرض إلا بأمانته، ولأنه تصرف في الوكالة على خلاف ما أذن له.
واستثنى المصنف موضعين؛ الأول: أن يكون الوكيل لا يليق به تولي الموكل فيه؛ كمن وكل رجلاً شريفاً معروفاً بالجلالة على بيع ثوب أو دابة، لأن الوكيل لما كان لا يتصرف في هذا لنفسه كان ذلك قرينة في إجازة توكيله غيره، فكان ذلك كالتصريح بإجازة التوكيل.
والموضع الثاني: أن يوكله على أمور كثيرة لا يمكن الوكيل أن يستقل بها؛ لأنه بالعادة قد أذن له في التوكيل، إلا أن الوكيل في الموضع الثاني يسوغ له أن يستعين بوكيل آخر ولا يجعل جميع ما إليه للوكيل، بخلاف الأول فإنه يوكل على جميع ما جعل له، ولا شك في الأول إذا علم الموكل بحال الوكيل، وأما إن لم يعلم؛ فقطع بعضهم بأنه لا التفات لعلمه.
قال التونسي: وانظر إن لم يعلم بذلك رد المال، فإن [٥٦١/ب] كان الوكيل مشهوراً فإنه لا يلي مثل ذلك فالأشبه ألا يضمن، وإن لم يكن مشهوراً بذلك فرضاه بالوكالة يدل على أنه هو المتولي حتى يعلم رب المال أنه لا يتولى.
وفي المقدمات: ليس له أن يوكل على ما وكل عليه غيره، ولا أن يوصي إلى أحد بذلك، إلا أن يجعل ذلك إليه الموصى، فإن فعل فتلف المال ضمن على مذهب ابن القاسم، وإن علم أنه لا يلي مثل ذلك لنفسه إذا لم يعلم بذلك الموكل الأول، وهذا نص رواية يحيى عن ابن القاسم، وفي ذلك نظر. وقال أشهب: إذا كان مثله في الكفالة فلا ضمان عليه. انتهى.
فرع: فإن وكل حيث لم يكن له ذلك؛ فالمعروف من المذهب أنه متعد. قال في المدونة: ومن وكل رجلاً ليسلم له في طعام فوكل الموكل غيره لم يجز. ولأصبغ وغيره: إذا فعل وكيله مثل ما فعل الوكيل الأعلى في النظر والصحة لزم، وإن كان على خلاف ذلك