ابن سحنون: ولو قال حتى يدخل علي من فائدة أو ربح، أو حتى يقدم مالي أو غلامي، أو حتى يأتي وكيلي، أو يقضي غريمي؛ فهو إقرار. وقال ابن عبد الحكم: اتزن أو اجلس، فانتقد أو زن لنفسك، أو حتى يأتي وكيلي يزن لك؛ فليس بإقرار، حلف كما قال: حتى يأتي وكيلي أو غلامي الذي فكها منك؛ فهو إقرار منه أو الوكيل أو الغلام قبضها وليس بإقرار منه أنها عليه، وقد يقول: حتى يأتي وكيلي أو غلامي فاسأله، ومنشأ الخلاف هل ذلك وعد بالقضاء أو كالاستهزاء.
ابن عبد السلام: والأظهر من جهة اللغة قول ابن عبد الحكم، ومن جهة العرف قول سحنون.
فإن كلامه في (بَلَى) ظاهر؛ لأنها توجب النفي. وأما (نَعَمْ) فإنما ألزم بها قضاء على عرف الناس، وإما على مقتضى اللغة على المذهب الصحيح؛ لأنها تقرن ما قبلها من النفي أو غيره، ولهذا قال ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله تعالى:(ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى)[الأعراف: ١٧٢] لو قالوا: نعم لكفروا؛ أي: لأنهم قالوا لست بربنا، وينبغي إذا صدر نعم من عارف باللغة ألا يلزمه شيء، ولبعض النحويين أن (نَعَمْ) كـ (بَلَى)، قال في كتاب ابن سحنون، ومن قال لرجل: أليس قد أقرضتني أمس ألف درهم، فقال الطالب: بلى أو نعم، فجحد المقر بالمال يلزمه، ولو قال: أما أقرضتني، أو قال: ألم تقرضني، فهو سواء يلزمه إذا ادعى الطالب المال، وهذا نحو ما ذكره المصنف، لكن قاله ابن عبد الحكم: يحلف المقر ولا يلزمه شيء، وإنما سأله لاستفهام ما عنده من العلم، فليس قوله: أليس بإقرار، وكذلك قوله: ألم تقرضني كذا؟