يعني: وإن قال رجل لآخر: لك أحد هذين الثوبين أو العبدين فله؛ أي: فللمقر تعيينه، فإن عين الأعلى فلا كلام، وإن عين الأدنى ووافقه المقَرُّ له فكذلك، وإن خالفه حلف المقَرُّ له وأخذ الأعلى، ويبقى له الأدنى بتسليم المقَرُّ له.
ابن عبد السلام: وانظر هل ينتفع به انتفاعاً عوضاً عن قيمة الأعلى، فإن غفل عن ذلك حتى بيع الأدنى بأكثر من قيمة الأعلى يوم حلف المقر له وأخذه؛ فيكون الزائد من الثمن على القيمة موقوفاً أويتصدق به، انظر في ذلك كله، ولابن عبد الحكم ما يشبهه. انتهى.
وقوله:(فَإِنْ قَالَ: لا أَدْرِي) فإن عين المقر له أدناهما؛ أخذه بغير يمين لعدم التهمة، وإن عين أجودهما حلف. قال في البيان في باب الدعوى والصلح: وتحليفه مثل ما في المدونة في مسألة ضمان الصناع، بخلاف ما ذهب إليه ابن المواز، فإن قال المقر له أيضاً: لا أدري، حلف المقر على نفي المعرفة، وحلف أيضاً المقر له كذلك، وما ذكره من حلفهما ويكونان شريكين نص عليه ابن القاسم في العتبية، وكذلك يكونا شريكين إذا حلف المقر له ولم يحلف المقر.
قال في البيان: وهو يأتي على القول بلحوق يمين التهمة، وعلى أنها ترجع؛ لأن كل واحد منهما يتهم صاحبه، فيقول المقر له: تعلم أن أدناهما لك ويقول المقر بالعكس، فأوجب اليمين لكل واحد منهما على صاحبه، فإن حلفا جميعاً أو نكلا جميعاً كانا شريكين كما قال؛ لاستوائهما في الحلف والنكول، فإن حلف أحدهما ونكل الآخر كانا أيضاً شريكين؛ لأن الناكل منهما لما نكل وجب أن يرجع اليمين على صاحبه فيحلف لقد يعلم أن أحدهما له وهو لم يحلف، إلا أنه لا يعلم أن أحدهما هو ثوبه، ويمين التهمة إنما ترجع على البت.