ابن عبد السلام: ولا يشترط اجتماعهما في الرضا بذلك ما لم يعرض عارض ينقل هذا الحكم إلى اللزوم، كما في الجارية المتواضعة، أو يكون الحفظ بأجرة كما أشرنا إليه أنها تعود إجارة وهي لازمة، وربما يعرض لها اللزوم من وجه آخر؛ كما إذا كان ربها عاجزاً عن حفظها فيتعين عليه الإيداع لنهيه صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال. فإن لم يجد من يحفظها له إلا واحداً تعين عليه قبولها وحفظها لوجوب إغاثة الملهوف، فيكون اللزوم على هذا المعنى بمعنى الفرض ومخالف للذي قبله. وفي دخول هذا تحت كلام المصنف نظر؛ لأن الفرائض لا يلزم الاعتناء باستيفائها. انتهى.
وفي المقدمات: لا يَلزَمُ من استُودِعَ قبض الوديعة، وجد المودع من يدعه أم لا، قال ذلك ابن شعبان.
فأما إن وجد فواضح، وأما إن لم يوجد غيره فينبغي أن يلزمه القبول قياساً على من دعي إلى أن يشهد - إنه يلزمه ذلك إن لم يكن في البلد من يشهد غيره، ومن أهل العلم من يرى ذلك لازماً له وجد في البلد من يشهد له أم لا؛ لقوله تعالى:(ولا يَابَ الشُّهَدَاءُ إذَا مَا دُعُوا)[البقرة: ٢٨٢]، ولا يسمى الرجل شاهداً حتى يكون عالماً بالشهادة، فيجب عليه أداؤها. انتهى.
فكلام ابن عبد السلام يأتي على قياس ابن رشد لا على ما قاله ابن شعبان.
وَشَرْطُهُمَا كَالْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ
والضمير في:(شَرْطُهُمَا) عائد على المودِع والمودَع؛ لأن المودِع كالموكِل والمودَع كالوكيل، ومعنى كالوكيل والموكل أن من جاز أن يتصرف لنفسه ولغيره فله أن يودِع ويودَع، ويشكل بالعبد المأذون له في التجارة؛ فإن يجوز أن يُودِع كما سيأتي، ولا يجوز أن يتوكل إلا بإذن سيده كما قدمناه.