وإذا استأجر عبده الوغد فلسيده أن يبطل عنه ما أتلف من أمانته؛ لأن مثله لا يودع، فيؤخذ من هذا أن موجب تعلق الوديعة بذمة العبد هو كونه غير وغد؛ أي: يودع مثله، والإذن عنده وصف طردي.
وأنكر سحنون قول أشهب هذا، وإنكاره صحيح؛ لأن كون العبد ممن يستودع مثله لا يوجب على السيد ما لم يلتزمه بأخذ مال عبده في الحال، ولأن عليه ضرراً في إبقاء الدين في ذمة عبده.
ولهذا قال أبو عمران: إن باعه السيد قبل أن يعلم بذلك واطلع عليه المشتري - فليس به إبطال ما في ذمته، لكن له رده، ثم لسيده الإبطال كما في النكاح.
قوله:(وَقِيلَ: إِنِ اسْتَهْلَكَهَا فَجِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ) ابن عبد السلام: هذا القول حكاه يحيى بن عمر، وظاهره يقتضي أن العبد إذا باشرها بالإتلاف - سواء كان عن انتفاع كما لو أنفقها، أو لا كما لو رمى بها في البحر - فإنها تكون جناية في رقبته، كما لو لم يأذن له السيد، وإنها إن تلفت عنده بتضييع فإنها لا تكون جناية، ثم يحتمل بعد ذلك أن تتعلق بذمته، وهو الأقرب أو لا تتعلق بذمته. انتهى.
وكلام المصنف يدل على أن هذا القول خاص بغير المأذون. وفي اللخمي قال يحيى ابن عمر هي جناية في رقبته إذا كان مأذوناً له.
فرع:
وإذا أتى المحجور عليه إلى رجل فقال له: سيدي أمرني أن أستعير منك كذا فصدقه ودفع إليه ما ذكر وأنكر السيد - فقيل: للسيد طرح ذلك عن ذمة العبد بعد يمينه أنه ما بعثه، وقيل: ليس له ذلك. ابن يونس: والأول أشبه.
أشهب: وإن أراد أن يودع رجلاً فقال له: ادفعها إلى عبدي ففعل فاستهلكها العبد - فهي في ذمته ولا شيء على السيد وإن غره من العبد.