الكتاب. وكذلك اختلف في قول أشهب هل هو خلاف لقول ابن القاسم وروايته عن مالك أم لا؟
قال في البيان: وقيل: إِنَّ قول أشهب ليس بخلاف، وأن المعنى في ذلك أن يضمن إذا عرف الناس أنهم لا يدفعون أموالهم إلى أهاليهم. فكل منهم تكلم على غير الوجه الذي تكلم عليه صاحبه؛ لأن قولهما مختلف. فعلى هذا لا يختلف إذا علم عرف الناس في البلد، وإنما يختلف إذا جهل العرف؛ فأشهب يُضَمِّنُه حتى يقيم البينة أن العرف في البلد أن الناس يأتمنون أهلهم على أموالهم ويدفعونها لهم، وابن القاسم لا يُضَمِّنُه حتى يقيم صاحب الوديعة البينة أن العرف والعادة في البلد أن الناس لا يرفعون أموالهم عند أهلهم ولا يأتمنونهم عليها، والأظهر أنه اختلاف من القول، فيتحصل على هذا في المسألة ثلاثة أقوال، يفرق في الثلث بين أن تكون العادة الدفع فلا يضمن أو عدم الدفع فيضمن. انتهى بمعناه.
قال في النكت: ويحلف أنه دفع إلى زوجته إذا أنكرت إن كان متهماً، وإلا فلا يمين عليه، وإن وجبت يمينه لكونه متهماً فنكل غرم، وله أن يحلف زوجته. وإن نكل وهو معسر كان لرب الوديعة يمينها، كانت متهمة أم لا؛ لأنها تقوم مقام الزوج في مطالبتها باليمين، كما يتبع الإنسان غريم غريمه، وقاله بعض شيوخنا من بلدنا، وقال ابن يونس: الذي يظهر لي توجه اليمين إذا أنكرت الزوجة كان متهماً أم لا؛ لأنه هنا من يدعي تكذيبه فكان كمدعي رد الوديعة.
ابن عبد السلام: إن أراد ابن يونس أن التهمة مع تكذيب الزوجة أقوى مما إذا لم يكن هناك من يكذبه فقريب، وإن أراد أنها محققة كمدعي الرد فقد يقال: إن المكذب للمودع في مسألة دعواه على الزوجة هو غير رب الوديعة، وربها لا يحقق عليه الدعوى فلم تخرج عن أن تكون يمين تهمة، بخلاف مدعي رد الوديعة؛ فإن صاحبها يدعي تكذيبه بدعوى محققة، والله أعلم.