الباجي وصاحب المقدمات: وأظهر الأقاويل الإباحة؛ لحديث هند:«إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي عيالي» فقال عليه الصلاة والسلام: «خذي من مالِهِ ما يكفيك ويكفي بنيكِ بالمعروفِ».
وقد يقال في الأخذ منه نظر؛ لأن هنداً وولدها تجب لهما النفقة في مال أبي سفيان، فكان ما تأخذه عو عين حقها، وكلامنا إنما هو فيمن قدر على مثل حقه لا على نفسه.
قال في المقدمات: وكان شيخنا ابن زرقون يحدثنا أن قوله عليه الصلاة والسلام: «ولا تخن من خانك» خرج على سؤال؛ لأنه سئل عن وطء امرأة من ائتمنه عليها، وقد كان السائل ائتمن الرجل على امرأته فخانه فيها ووطئها، وكان يضعف الاحتجاج بهذا الحديث لهذا المعنى، لكن اختلف قول مالك وغيره من العلماء في العام الوارد على سبب خاص، والصحيح عند أهل الأصول وهو اختيار القاضي إسماعيل والقاضي أبي بكر وغيرهما من العراقيين الحمل على عمومه، وبه يصح الاستدلال بالحديث.
واحتج أيضاً ابن عبد الحكم [٥٧٢/ب] بقوله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ....)[البقرة: ١٩٤] الآية.
واحترز المصنف بقوله:(مَنْ ظَلَمَهُ بِمِثْلِهَا) مما لو ظلمه بغيرها فإنه لا يجوز له الأخذ.
ابن شعبان: ومن أصحابنا من يقول إن المستودع إذا جحد ما كان بيده وهو من غير الذهب، فوجد له المجحود ما بقي من الدراهم أو العروض لم يكن له أخذه ولا بيعه؛ لأنه يوكل في ذلك، وبه أقول.