فيقال: وبكم يقلع هذا؟ فيقال: بعشرة، ويقال: وكم تساوي الأرض لتعود كما كانت فيقال: عشرة، فيعطيه ثمانين.
قال غير واحد: إلا أن يكون المستعير ممن يتولى القلع وتنظيف الأرض بنفسه أو بعبده فلا يسقط لذلك شيء، وقيل: إن ما نص عليه محمد من إسقاط أجرة القلع خلاف مذهب ابن القاسم في المدونة، فإن مذهبه فيها لا يحط ذلك، وإلى هذا ذهب ابن دحون، واعتل في ذلك بأن الغاصب لو هدمه لم يكن للمغصوب منه أن يأخذه بالقيمة بعد هدمه، وكذلك أنكر ابن سهل كلام ابن المواز، واعتقد أن قيمة البناء مقلوعاً تستلزم طرح أجرة القلع، فلا ينبغي أن تسقط مرة أخرى، وليس بالبين، فإن تقويم البناء مقلوعاً أعم من كل واحد من وجهي طرح أجرة القلع وعدم طرحه، والأعم لا يستلزم الأخص.
وروى مطرف وابن الماجشون أن كل من بنى في أرض قوم أو غرس بإذنهم وأعلمهم فلم يمنعوه ولا أنكروا عليه فله قيمته قائماً؛ كالباني بشبهة، وكذلك من تكارى أرضاً أو بنى في أرض زوجته.
ابن حبيب: وهو قول ابن كنانة وجميع المدنيين، وقاله ابن القاسم، وعلى هذا فالغاصب متفق عليه أنه يأخذ قيمة البناء مقلوعاً، والمستحق من يده متفق عليه أنه يأخذ قيمة البناء قائماً، ويختلف في المستعير والمكتري.
قوله:(أَوْ يَامُرُهُ بِقَلْعِهِ) يعني أن رب الأرض يخير في أمرين: إما أن يعطيه القيمة كما تقدم، وإما أن يأمره بقلع بنائه؛ هذا بشرط أن يكون للبناء والغرس قيمة بعد القلع، وأما إن لم تكن له قيمة بعد القلع فلا يكون للباني فيه شيء.