وقال ابن كنانة: إن كان صاحب الدابة ممن يعرف بكراء الدواب ولذلك حبسها وهي بضاعته حلف وأخذ الكراء إذا ادعى ما يشبه أن يستأجر به، وإن كان ممن لا يعرف بكراء الدواب ولا ذلك عمله، حلف الآخر أنها عارية ولا شيء عليه، وحيث قلنا القول قول المالك في أنه لم يأذن إلا بعوض، فهل يقبل قوله في مقداره؟ قال في الجعل والإجارة، وإن ادعى رب المتاع أن الصانع عمله بإطلاق وقال الصانع: بل بأجر، صدق الصانع فيما يشبه الأجر وإلا رد إلى أجر مثله، وفي أكرية الدور: ومن أسكنته دارك ثم سألته الكراء. فادعى أنك أسكنته بغير كراء، فالقول قولك فيما يشبه من الكراء مع يمينك، وقال غيره: على الساكن الأقل من دعواك أو من كراء المثل بعد أيمانهما.
يعني: إذا اتفقا على العارِّة واختلفا في النهاية، فقال المعير مثلاً: أعرتكها من مصر إلى غزة، وقال المستعير: بل إلى دمشق، فإن لم يركبها المستعير إلى الأبعد أي إلى دمشق في المثال المفروض، فالقول قول المالك مع يمينه؛ لأن المستعير مدعى عليه الزيادة.
ابن عبد السلام: وجهوا عليه اليمين في هذه المسألة والتي قبلها مع أنهما من دعوى المعروف، وفي توجيهها في هذا الأصل خلاف، ونحو هذا المثال ما إذا تنازعا في طريقين إحداهما سهلة والأخرى وعرة، وقال: أعرتني هذا الثوب شهراً، وقال: بل يوماً، وإذا حلف المعير يكون المستعير بالخيار بين أن يركبها إلى ذلك الموضع الذي حلف عليه أو يترك، إلا أن يخشى منه أن يتعدى ويمضي بها حيث شاء فلا يسلم إليه إلا أن يتوثق فيه ألا يتعدى.
أي: وإن ركب إلى دمشق في المثال المفروض، فقال ابن القاسم في المدونة: القول قول المستعير إن ادَّعى ما يشبه مع يمينه، واعلم أنه في المدونة لم يذكر أن ابن القاسم قال هذا،