للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالتعدي فيأخذ سلعته وأرش الجناية، وإليه ذهب ابن القاسم واختاره مطرف وابن الماجشون وابن كنانة، وقال أشهب: ليس لربه إلا أخذه على حاله بغير أخذ أرْش الجناية أو أخذ قيمته يوم الغصب، وهو اختيار محمد وإليه ذهب سحنون؛ لأنه قال: يأتي قول ابن القاسم هذا خلاف ما قاله ابن القاسم في القتل، وإلى هذه المعارضة أشار المصنف بقوله:

وَاسْتُشْكِلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وبَيْنَ الْقَتْلِ

وذلك لأن ابن القاسم لم يلزم الغاصب إذا قتل المغصوب إلا القيمة يوم الغصب ولم يجعل قتله كقتل الأجنبي، وفرَّق ابن القاسم بأن القتل إتلاف لجميع الذات، وذلك موجب للتضمين فيضمن قيمة المغصوب يوم قطع يده عليه، وأما قطع اليد وشبهه فإن عين المغصوب باقية وإذا بقيت عينه فقد يكون لربه غرض في عين شيئه، وحكى الدمياطي عن ابن القاسم التخيير في قتل الغاصب، وإليه ذهب سحنون في المجموعة ثم رجع عنه، وألزم ابن يونس سحنون على قوله: إن لرب العبد أن يطالب الغاصب بما نقصه القطع أن يقول بذلك لعله إذا كان القطع بأمر من الله لا سبب للغاصب فيه.

وَلَوْ قُتِلَ الْعَبْدُ قِصَاصاً ضَمِنَ

أي: ولو قتل المغصوب بغير سبب الغاصب ضمنه بوضع اليد عليه، ولو كان العبد هو الذي جنى [٥٧٩/أ] قُتِلَ قِصَاصاً.

ولَوْ تَعَلَّقَ أَرْشٌ بِرَقَبَتِهِ؛ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كَعَيْبِ سِلْعَةٍ فَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ فَلِلْغَاصِبِ إِسْلامُهُ أَوْ فِدَاؤُهُ، وإِنْ أَخَذَهُ سَيِّدُهُ فَكَذَلِكَ، وقَالَ أَشْهَبُ: يُسَلِّمُهُ السَّيِّدُ أَوْ يَفْدِيهِ أَوَّلاً ثُمَّ يَرْجِعُ بِالأقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ جِنَايَتِهِ ....

يعني: فإن جنى العبد المغصوب جناية وتعلَّق أرْشُها برقبته، فذلك عيب حدث فيخير ربه بين تضمين الغاصب قيمته أو أخذه بعينه؛ فإن اختار تضمينه صار الغاصب كالمالك، فيخير في إسلامه في الجناية أو فدائه بأرش الجناية، وإن اختار ربُّ العبد أخذه

<<  <  ج: ص:  >  >>