حتى أبلوه، فالمالك مخير في أمرين: إما أن يغرمهم قيمة المقوم، ومثل المثلي يوم وضع اليد؛ لأنهم لا علم لهم بالغصب، وإليه أشار بقوله:(يَوْمَ لَبِسُوهُ) وإما أن يغرم الغاصب القيمة أو المثل يوم الغصب، وله وجه ثالث في البيع وهو إمضاء بيع الغاصب؛ لأنه بيع فضولي، وظاهر قوله:(فَلِلْمَالِكِ تَغْرِيمُهُمْ ... أَوْ تَغْرِيمُ الْغَاصِبِ) أن المغصوب منه بالخيار، وليس هو المشهور، والمشهور أنه يبدأ بالغاصب كما سيأتي، ولعل المصنف إنما أراد تعلق الغرامة بهم من حيث الجملة ولكن أطلق لما سيذكره.
واستشكل ابن يونس كون المشتري يضمن القيمة يوم اللبس فقال: وقيل: إن المشتري يضمن القيمة إذا لبسه فأبلاه يوم اللبس، وهذا في نظر؛ لأنه غير متعد وهو إذا لبسه يوماً أو أياماً ولم ينقصه ذلك لم يكن عليه شيء، وإنما يضمن قيمته بالاستهلاك، قال: والجواب أنه لمّا كان هلاكه بالانتفاع لم يفرق في ذلك بينه وبين المتعدي الغاصب ألا ترى أن ابن القاسم شبه ذلك بغلته، فلذلك كان عليه قيمته يوم لبسه، وكما لو كان ذلك عنده رهناً أو وديعة.
وكذلك أيضاً يكون المغصوب منه بالخيار إذا قتل المشتري العبد المغصوب فإن أخذ ربه القيمة منه يوم الجناية وكانت اقل من الثمن فاتفق ابن القاسم وأشهب أن الغاصب لا يستحق زيادة الثمن، واختلفا في من يستحق تلك الزيادة هل المشتري أو المالك؛ فقال ابن القاسم: يستحقها المشتري؛ لأن البيع قد انفسخ بغرم المشتري قيمة ما اشتراه، وقال أشهب بل يرجع المالك بتلك الزيادة على الغاصب ويرجع المشتري بمقدار ما أدَّى.
ونقَل ابنُ يونس عن أشهب مثل ما حكى المصنف عنه ونصه: وقيل عن أشهب: إذا باعها الغاصب - أي الأمة بمائة وقتلها المبتاع وقيمتها خمسون فأغرمه المستحق فيمتها خمسين، فليرجع المبتاع على الغاصب بما غرم للمستحق في ذلك وهو خمسون ويرجع