وَالْمَشْهُورُ أنه يُبّدَّى الْغَاصِبُ عَلَى الْمَوْهُوبِ إَذَا أَكَلَهُ أَوْ أَبْلاهُ
لا شك أن علم الموهوب له بالغصب أنه كالغاصب يتبع صاحبه أيهما شاء، وإن لم يعلم فالمشهور وهو مذهب ابن القاسم في المدونة أنه يبدأ بالغاصب؛ لأنه كالمسلط للموهوب له، فيرجع عليه بقيمة الموهوب وغلته على القول بالرجوع بها أولاً، فإن كان عديما رجع على الموهوب له.
قال في البيان: وإذا رجع بها أولاً على الغاصب، فلا رجوع له على الموهوب له، وإن رجع أولاً على الموهوب له رجع على الغاصب إذا يسر، وقال غير ابن القاسم في كتاب الاستحقاق من المدونة: يرجع أولاً على الموهوب له؛ لأنه المباشر.
ابن رشد: فإن لم يكن له مال رجع على الغاصب، فإن رجع على هذا القول على الغاصب رجع الغاصب على الموهوب له، وإن رجع على الموهوب له لم يرجع على الغاصب بشيء عكس الأول، ولأشهب قول ثالث أن المالك بالخيار في اتباع أيهما شاء، واختاره ابن المواز وسحنون.
اللخمي: ولا خلاف أن له تغريم الغاصب؛ لأن هبته لا تسقط المطالبة عنه عند علم الغصب، وإن أحب أن يبتدئ بالموهوب فالأقوال الثلاثة، وإن كان الغاصب معسراً فله أخذ المستهلك اتفاقاً، انتهى.
أشهب: بناء على قوله: (ويطلب الغاصب بالقيمة يوم الغصب) أو يطلب الموهوب له بالقيمة يوم إتلافه ما أتلف، فإن كانت قيمته يوم الغصب عشرين، وقيمته يوم الإتلاف ثلاثين، فاختار اتباع الغاصب فأخذ منه عشرين ثم يرجع على الموهوب له بالعشرة الباقية، واحتاج أشهب على قول ابن القاسم بموافقته إياه، على أن المشتري من الغاصب إذا لم يعلم بالغصب، فهو كغريم ثان يتبع المالك إن شاء الغاصب، وإن شاء المشتري إذا