وأجاب المازري: بأن مستحق الأرض لما كان قادراً على أن يلزم الباني أو الغارس قيمة الأرض براحاً، فعدل عن ذلك كان رضاً منه بل يعطي الباني والغارس قيمته عليها قائماً؛ لأن فعلها وقع بوجه شبهة فلا سبيل إلى إعطائها قيمة ذلك مقلوعاً، وهو حسن، ولو كان رب الأرض مخيراً في أن يلزم الباني قيمة الأرض براحاً وليس كذلك، واختلف متى تراعى القيمة؟ فمذهب الكتاب يوم الحكم، وقيل: يوم البناء، وفي كتاب العارية: وقيل: للباني ما أنفق، وفي باب آخر: قيمة ما أنفق، واختلف هل هو اختلاف قول أو لا؟ وعلى الثاني وقد اختلف في كيفية الجمع، وقد ذكرناه ثم، وهذا كله ما لم تستحق الأرض بحبس، أما إن استحقت بحبس فليس للباني ألا حمل أنقاضه؛ إذ ليس ثم من يعطيه قيمة البناء قائماً، وليس له أن يعطي قيمة البقعة؛ لأن بيع الحبس، وهذه المسألة ألقاها أبو محمد صالح على أبي الفضل.
يعني: إذا أكرى الأرض المستحقة من يده للحرث سنين، وقد زرعت للحرث سنة أو أكثر، وانقضى إبان الزراعة، فكراء ما زرع للمستحق من يده، وما بقي فالمستحق بالخيار في فسخ العقد فيه وفي إمضائه، فلا يكون له الكراء على عدد السنين بل على حسب ما يراه أهل المعرفة، وذلك مجهول، واستشكل ذلك جماعة وكذلك قال ابن يونس وعياض واللخمي وغيرهم: إنه تجوز الإجارة بشرط أن يعلم ما يخصه وإلا أدى إلى البيع أو الكراء بثمن مجهول.
ولعل قول المصنف:(كَجَمْعِ سِلْعَتَيْنِ) إشارة إلى ذلك؛ لأن مذهب ابن القاسم المنع إلا أن يقوماً ويدْخلا على ذلك، وقد يقال: فيما أجراه الشيوخ هنا نظر، والفرق بينهما أن الْغَرَر في جمع الرجلين سلعتيهما في البَيْع واقع في أصل العقد بخلاف هذه فإنه طارئ