حاصلُه أنَّ في التَّعَدِّي ثلاثَة أقوال: الأول لمالك: ليس عليه في التعدِّي إلا أرْش النقص، كان النقص يسيراً أو كثيراً، وإليه أشار بقوله:(وقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: مَا نَقَصَهُ، ولا يُفرقُ بَيْنَ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ) ثم رَجَعَ إلى الفرقِ بين اليسيرِ والكثير، ففي اليسير: لا يكون عليه إلا ما نقص، وفي الكثير: يخير بين أخذه بغير شيء أو يضمنه جميع قيمته، وقاله ابن القاسم أولاً، ثم رجع عنه إلى ما في المدونة، وأنَّ لهُ أخذُ النَّقص إنْ اختَارَ أخذه، وعلى هذا فاتفق في اليسير أنه ليس لربه إلا أخذ ما نقص بعد رفو الثوب وشعب القصعة، والرفو: خيطها.
وقوله:(قَالُوا) يوهم تواطؤ أهل المذهب أو أكثرهم، وأن ما نقله ابن يونس عن بعض الأصحاب قال هذا القائل، وذلك بخلاف الجناية على الدَّابّة، فإنه ليس عليه ما تداوى به الدابة، والفرق بينهما أن ما ينفق في الثوب على المداواة غير معلوم، ولا يعلم هل ترجع كما كانت أم لا؟