«قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم ينقسم بين الشركاء فإذا وقعت الحدود فلا شفعة [٥٨٤/ب] فيه».
مالك: وعلى ذلك السنة التي لااختلاف فيها عندنا، وسئل ابن المسيب عن الشفعة هل فيها من سنة؟ فقال: نعم الشفعة في الدور والأرضين، ولا تكون الشفعة إلا بين الشركاء، وقال سليمان بن يسار مثل ذلك، وهذا دليل على أنه لا شفعة في غير العقار؛ لأن ضرب الحدود إنما يكون فيها، وقول ابن المسيب يبين هذا وفيه دليل على أنه لا شفعة لجار؛ لأن الحدود إذا ضربت يبقى جاراً، وقد نص في الحديث على نفي الشفعة في ذلك، قال في الاستذكار: قال جابر رضي الله عنه: «إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم ينقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة».
أحمد بن حنبل رضي الله عنه: وهذا أصح حديث روي فيه، وقال ابن مَعِين: مرْسل مالكٍ أحبُّ إليَّ.
أي:(تَبَعٌ) للعقار؛ يعني أن هذه الأشياء وإن لم تكن من جنس الأرض، ولكنها لشدة اتصالها بها كالجزء منها، وأما (الْبِئرُ وَفَحْلُ النَّخْلِ) فلا يحتاج لهما هنا؛ لأن البئر جزء من الأرض، وفحل النخل من الشجر وإنما يختصان بحكم آخر وهو إذا قسمت وبقي الماء ثم يبيع فلا شفعة فيه، وفي العتبية: فيه الشفعة، واختلف هل هو اختلاف قول؟ وإليه ذهب الباجي، أو وفاق؟ وإليه ذهب سحنون وابن لبابة، ثم قال سحنون: معنى المدونة أنها بئر واحدة، ومعنى العتبية أنها آبار كثيرة.
وقال ابن لبابة: معنى المدونة أنها بئر لا فناء لها، ومعنى العتبية أنها بئر لها فناء وأرض مشتركة يكون فيها القِلْد.