أي (فَلَوْ أَحَالَ) المشتري (الْبَائِعُ بِهِ) أي: بالثمن من المؤجل على الشفيع (لَمْ يَجُزْ) لأن الإحالة إنما تكون بما حل ولأن البائع قد ترتب له في ذمة المشتري دَيْن فباعه بدينٍ لهُ على الشَّفيع فيلزمه منه بيع الدَّيْنِ بالدَّيْنِ.
هبة الثواب بيع فلذلك يأخذ الشفيع الموهوب بما وقع به الثواب من مثلي أو مقوَّم وهذا معنى قوله:(كَالثَّمَنِ) لكنه لا يأخذه حتى يدفع الثواب؛ لأن الموهوب له مخير في الرد وفي الثواب هذا هو المشهور، وهو مذهب المدونة، وقال أشهب: كذلك إن أتى به قبل فوات الموهوب، وإن أتى به بعده فللشفيع أن يأخذه بالأقل من الثواب والقيمة؛ لأن الثواب إن كان أقل فهو الذي دفع وإن كانت القيمة أقل فهو متبرع بالزائد عليها؛ لأنه لم يكن يلزمه غيرها وفيه نظر؛ لأن أشهب وافق على أنه لو أتى به أكثر من القيمة قبل الفوات فإنه لا يأخذه إلا بذلك، فكذلك إذا عوضه بعده؛ لأن للموهوب تعويض القيمة فيها، وقال اللخمي: القياس أن لا يستشفع إلا بأكثر من الثمن والقيمة سواء فات الموهوب أو لا؛ لأن قيمة الشقص إن كانت أكثر من الثواب فللموهوب أن يقول: إنما قبل مني هذا للصداقة بيني وبينه ونحو ذلك، وإن كان الثواب أكثر فإن ذلك العوض غالباً في هذا النوع.
تنبيه:
ما ذكرناه أنه لا شفعة إلا بعد دفع الثواب وهو نصُّ المدونة في باب الهِبات: فقال: إن وهب لرجل شِقْصاً من دارٍ على عوص سميَّاه أو لم يسمِّياه، أَنَّ لا يأخذه بالشفعة حتى يثاب، وفي كتاب الشفعة: إن سمَّيَا العوض ففيه الشفعة بقيمة العوض، فحمله سحنون