يعني: أن القاسم إن كانت له أجرة من بيت المال لم يجز أن يأخذ أجرة من الناس، وظاهره إباحة أخذها إذا لم تكن له أجرة من بيت المال، ومذهب المدونة والعتبية وغيرهما: الكراهة، ففي باب القسم من المدونة: وأكره لقاسم القاضي والمغنم أن يأخذ على القسم أجراً؛ لأنهم إنما يفرض لهم في أموال اليتامى وسائر الناس كما أكره ارتزاق صاحب السوق من أموال الناس.
وفي باب الآذان: وكره مالك إجارة قسام القاضي، وكان ربيعة وخارجة رضي الله عنهما، يقسمان ولا يأخذان جعلاً.
وقوله:(عَلَى عَدَدِهِمْ) هو مذهب المدونة، قال فيها: وسواء في ذلك من طلب القسمة أو أباها، وبقول أشهب قال ابن الماجشون وأصبغ.
الباجي في وثائقه: وبه جرى العمل.
المتيطي: وقال غير واحد من الموثقين: الأول أظهر وبه القضاء؛ لأن تعبه في تمييز النصيب اليسير كتعبه في تمييز النصيب الكثير، وكذلك اختلف في أجرة كاتب الوثيقة على مذهبين: ففي القسم من المدونة في قوم أرادوا أخذ مال لهم عند رجل ويستأجرون من يكتب كتاباً لهم: فله أجرة عليهم وعليه، وقال أشهب نحوه في الجلاب، وفي سماع ابن القاسم: لا يكون على الذي بيده المال شيء، وقال سحنون: ذلك كله على الذي بيده المال، قال بعض الموثقين: لأنه رأى أن المنفعة له وحده، وفي الجلاب: إذا كان لجماعة حق على رجل فكتبوا عليه كتاباً واحداً وسهامهم مختلفة فيه، فأجرة الكاتب بينهم بالسواء، وقد تقدمت نظائر هذه المسألة.