المازري: وذكروا أنهم وجدوا وثيقة بخط الشيخ أبي محمد بن أبي زيد أنه إذا دفع لرجل عرضاً وقال له: بعه ولك دينار، فإذا قبضت ثمنه فاجعله قراضاً.
وما في هذه الوثيقة من التخيل على جواز القراض بالعرض على الوجه الذي ذكر، وتأول بعضهم عليه أن يكون بنى على أحد القولين في اجتماع جعل وإجارة الإجارة في البيع والجعل في القراض، وفيه نظر؛ لأن الجعل لا يجوز في الكثير بل في القليل فيلزه أن يقيد في الوثيقة هذا الوجه لو قصد بالقليل، ولو كان قصده أيضاً الإجارة لضرب لها أجلاً.
المازري: ولو دفع رجل عدد كتان أو رزمة متاع، وقال: خذ هذا العرض وامض به إلى البلد الفلاني فادفعه إلى فلان يبعه ويقبض ثمنه لنفسه، فإذا قبض ثمنه فخذه منه واعمل به قراضاً بيني وبينك؛ فإن ذلك جائز بلا خلاف ولا يدخله القراض بالعروض؛ لأن المدفوع إليه العروض لا يتولى البيع بنفسه، فقوله:(فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي بَيْعِهِ وَقِرَاضِ مِثْلِهِ) هو مذهب المدونة.
ابن المواز: ولا فرق في ذلك بين أن يقول: خذ هذه العروض قراضاً أو بعضها واعمل بثمنها قراضاً، ولا شك أن هذه الصورة من القراض الفاسد وسيأتي الخلاف في ذلك.
أي: ومثل العرض في عدم الجواز ابتداء وأنه إن وقع كان له أجر المثل ثم قراض المثل ما إذا وكله باقتضاء دين وقارضه به، وقيده اللخمي بما إذا كان على غائب يحتاج إلى المضي إليه أو على حاضر معسر، وإذا كان على حاضر موسر فليس إلا اجتماع العامل به فيقبضه فهذا جائز؛ إذ لا فرق حينئذ بين قبضه منه أو من ربه وكذلك لو وكله على صرفه، فله أجر الصرف ثم قراض المثل وهكذا في المدونة، وقيد ذلك فضل بما إذا كان الصرف في البلد له بال؛ وأجاز ذلك أشهب.