للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ تَرَاضَيَا بَعْدَ الْعَمَلِ عَلَى أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ

أي: إذا تعاقدا على جزء ثم بعد العمل تراضيا على جزء أقل من الأول أو أكثر جاز مطلقاً؛ لأن ذلك هبة من أحدهما للآخر، وهكذا مذهب المدونة، وقال ابن حبيب: لا يجوز ذلك إن كان المال عيناً وفيه ربح ووضيعة وكان في سلع وما نقص مساوياً، وأما لو كان قبل العمل فاتفق على الجواز، فقول المصنف بعد العمل تنبيه منه بالأخف على الأشد؛ لأنه إنما نص على موضع الإشكال، وأما قبله فلا إشكال فيه لعدم لزومه بالعقد، وقول ابن القاسم أبين؛ لأن المال إن كان عيناً فكأنهما الآن ابتديا بالعقد، لأن القراض لا يلزم بالعقد، وإن كان في سلع فهي هبة من أحدهما للآخر، ووجه قول ابن حبيب أنه إن كان المال عيناً وفيه ربح أو خسارة فقد ملكا قسمته، فكأن أحدهما زاده للآخر لبقاء الأمر، وكذلك إن كان في سلع؛ إذ قد يدعو أحدهما إلى بيعها فكأنه زاده لتماديه في القراض، وإذا فرعنا على الجواز فإن كانت الزيادة للعامل، فالعامل أحق بها [٥٩٩/ أ] في الموت والفلس لقبضه لها، وإن كانت لرب المال فقيل: يبطل لعدم الحوز.

وخرج اللخمي قولاً بالصحة على القول أن الهبات إذا لم تكن تهمة لا تبطل؛ لأن التراخي إنما كان لعدم إتيان وقت المفاصلة.

قال صاحب المعين: ومال المتأخرون والموثقون إلى النفوذ، وقال بعض من مال إلى مذهب ابن حبيب: إن هبة رب المال للعامل وبالعكس لا يتجوز، وقد أجاز محمد ترك العامل النفقة بعد شغل المال ولم يجز ذلك له قبل شغله؛ لأنه يصير حينئذ كأنه قارضه على شرط إسقاط النفقة من أجل أن عقد القراض منحل قبل شغل المال.

وَلَوْ شَرَطَ الْعَامِلُ عَمَلَ غُلامِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ دَابَّتِهِ فِي الْمَالِ خَاصَّةً جَازَ.

هكذا قال مالك، ووجهه أن المنفعة لهما، وحكى ابن المواز أن قول مالك اختلف في اشترط العامل عون غلام رب المال واختار ابن المواز الجواز.

<<  <  ج: ص:  >  >>