للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحمل بعضهم المدونة على أن مراد رب المال بقوله: بضاعة؛ أي بغير أجر. وفي هذه إشكال؛ لأنه إن كان القول قول العامل مع دعوى رب المال البضاعة بجبر فلان يكون القول قول العامل مع دعوى رب المال البضاعة بغير أجر أولى، وهكذا قال بعض القرويين: إن القول قول العامل هنا، ولهذا قال ابن رشد: معنى مسألة المدونة أن يحلف العامل؛ لأن وجه ما فيها أن كل واحد منهما يدعي على صاحبه، رب المال يدعي على العامل أنه عمل له باطلاً، والعامل يدعي أنه عمل [٦٠٦/ أ] له بنصف الربح، فإن حلفا أو نكلا كان له أجر مثله إلا أن يكون ذلك أكثر من نصف الربح، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر كان القول قول الحالف منهما، وحمل اللخمي المدونة على ظاهرها أن القول قول العامل؛ وقيد ما في المدونة بما إذا كان مثل المبضع معه لا يستعمل نفسه في القراض، وكان مثل تلك البضاعة لا تدفع قراضاً ليسارتها، ثم حكى عن محمد أنه خالف المدونة، وقال: إنهما يحلفان جميعاً، ويعطي العامل أجرة مثله.

وقوله: (أَوْ بِالْعَكْسِ) أي: إن ادعى العامل بضاعة بأجر، وادعى ربه قراضاً على أجر، فالقول أيضاً قول العامل مع يمينه، نقله اللخمي، قال: لأن العامل يقول: عملته على الإجارة في الذمة، والآخر على الجعالة، وهما مما يدل على سقوطه أو في المسألة.

وَإِنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: وَدِيعَةُ؛ ضَمِنَهُ الْعَامِلُ بَعْدَ الْعَمَلِ لا قَبْلَهُ

يعني: فإن قال رب المال: وديعة عندك، وقال العامل: بل هو قراض، وحذف المصنف قول العامل لدلالة الكلام عليه، فإن هلك قبل العمل فلا ضمان لاتفاقهما أنه كان أمانة؛ لأن القراض والوديعة يشتركان في ذلك، وإن هلك بعده فالقول قول دافعه؛ لأن قابضه مدعى عليه أنه أذن له في تحريكه والأصل عدم ذلك.

ابن عبد السلام: ولا يبعد أن يخرج خلافاً في ذلك، فقد اختلف إذا كان المال غائباً وتنازعا على هذا الوجه، فقال ابن القاسم ورواه عن مالك: القول للدافع.

<<  <  ج: ص:  >  >>