ابن عبد السلام: وظاهر المدونة وغيرها أن ذلك للعامل، وإن لم يرض رب الحائط، وأخذ منه أن المساقاة لا تلزم بالعقد وقد تقدم، ولأنهم قضوا لرب الحائط إذا غارت عين السقي، إن كان قبل العمل فلا شيء على رب الحائط، وإن كان بعده لزمه أن ينفق بقدر ما يقع من الثمرة، وإن لم يكن عنده شيء فللعامل أن ينفق مثله، ويكون نصيبه من الثمر رهناً بيده.
خليل: وظاهر المدونة أن ذلك للعامل وإن لم يرض رب الحائط أي لقوله فيها: وإذا عجز العامل عن السقي قيل له: ساق إن شئت أميناً، فإن لم تجد أسلم الحائط إلى ربه ثم لا شيء له ولا عليه؛ لأنه لو ساقاه إياه جاز كجواز الأجنبي، وظاهر قوله:"أسلم الحائط إلى ربه" ما ذكر، لكن تأول المدونة أبو الحسن وغيره بأن معناه إذا تراضيا على ذلك، ويدل عليه تعليله بقوله: لأنه لو ساقاه. والمساقاة لا تلزم إلا برضاهما.
خليل: وهذا التأويل متعين، فقد قال قبل ذلك في المدونة: وإن عجز العامل وقد حل بيع الثمرة لم يجز أن يساقي غيره، وليستأجر من يعمل معه، فإن كان فيه فضل فله، وإن نقص كان ذلك في ذمته إلا أن يرضى رب الحائط أخذه ويعفيه من العمل، فذلك له، وقد نص اللخمي وابن يونس على خلاف ما قاله.
ابن عبد السلام: أيضاً لأنهما قالا: لو قال رب الحائط إنما أستأجر من يعمل تمام العمل وأبيع له ما طاب من الثمرة وأستوفي ما أديت فإن فضل فله، وإن نقص أتبعته أن ذلك له.
ابن يونس: لقول ابن القاسم في المتزارعين يعجز أحدهما بعد العمل وقبل طيب الزرع، قال أيضاً: يقال لصاحبه: اعمل فإذا طاب الزرع بع وتستوفي حقك، فما فضل فله، وما عجز أتبعته به؛ لأن العمل كان لازماً له وكذلك هذا.