وجعله مثل ذهب وعرض بذهب وعرض، يعني أن أحدهما أخرج بعض الأرض والطعام في مقابلة بعض الأرض.
سحنون: وهذا جائز بخلاف المراطلة، على أن المصنف لو استغنى بماقدمه من قوله:(الْمَشْهُورُ جَوَازُهَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِكَا) لكان أحسن، ولا يقال: مأخذ الرواية الشاذة غير مأخذ ابن دينار؛ لأن الرواية الشاذة مأخذها إنما هو؛ لأن حقيقة الشركة إنما تكون إذا اشتركا في الجميع ومأخذ ابن دينار في المنع في هذه المسألة إنما هو لفظ، فلعل المصنف ذكر لاختلاف المأخذين؛ لأنا نقول: المصنف لم يذكر مأخذ القولين، والله أعلم.
تنبيه:
ذكر اللخمي وابن يونس وغيرهما أن سحنون نقل خلاف ابن دينار في الصورة الثانية، وقال ابن راشد: لم ينقل ابن يونس خلاف ابن دينار في الصورة الثانية، وإنما نقله في صورة أخرى، وهي إذا كان البذر من عند أحدهما والأرض من عند الآخر، وفيه نظر؛ لأن هذه الصورة ممنوعة على المذهب بلا إشكال، ولعل سبب ذلك أن النسخة التي نظرها من ابن يونس سقيمة.
قوله:(وَقِيلَ: يُغْتَفَرُ الْيَسِيرُ فِيهِمَا) أي: في الصورتين، وذلك أنه لما قال في الأولى:(وَتَسَاوَيَا فِي الْعَمَلِ) وقال في الثانية: (وَمُقَابِلُهُ عَمَلُ يُسَاوِيهِ) وأشعر ذلك اشتراط التساوي وأنه لا يغتفر فيهما تفاوت يسير ولا كثير، وذكر قولين آخرين: أحدهما: إنه يغتفر التفاوت اليسير في الصورتين، وهو قول ابن حبيب، والثاني: أنه يغتفر اليسير في الأولى والكثير في الثانية، ووجهه أن الأولى دخلا فيها على حقيقة الشركة دون مبايعة لاشتراكهما في جميع الأشياء وذلك موجب لطلب الاعتدال بينهما فلا يغتفر إلا اليسير الذي تدعو الضرورة إليه، وأما الثانية: فقصد فيها المبالغة وهي لا يشترط فيها التساوي، بل هي مظنة المغابنة وهذا القول لسحنون، ولا يقال: هذا التوجيه يقتضي المنع من