بيعه، لا تجوز الإجارة به. وقال أيضاً: لا بأس به لأنه من الجعل لا من الإجارة بمنزلة من قال لرجل: لي على فلان مائة دينار، فما أقضيت من شيء فلك نصفه، فإذا علم كم الدين وكم الزرع لم يكن له بأس ومتى شاء أن يترك ترك، لأنه جعل، وإن لم يعلم كم الدين أو الزرع، لم يكن فيه حرج.
وعلى هذا الخلاف إنما هو في تحقيق المسألة، هل هي من باب الجعل، أو الإجارة؟ فمن ردها إلى الجعل أجاز ومن ردها إلى الإجارة منع والله أعلم.
اعلم أنه إذاقال له: احصد اليوم ولك نصفه؛ إن فهمت الإجارة واللزوم امتنع باتفاق؛ نقله ابن عبد السلام وغيره وإنما الخلاف إذا قال على أن يترك متى شاء وعلى هذا ففي كلام المصنف نظر؛ لأن قوله:(وَقِيلَ) يقتضي أن القول الثاني شاذ، وليس كذلك، بل هو مذهب المدونة، ففيها: وإن قال له: احصد اليوم أو التقط فما اجتمع فلك نصفه؛ فلا خير فيه، إذ لا يجوز بيع ما يحصد اليوم، إلا أن يشترط أن يترك ما شاء فيجوز وعلى هذا ففي قول المصنف:(إِنْ فُهْمَتِ) نظر؛ لأن الفهم أعم من التصريح والخلاف إنما هو إذا صرح بترك العمل متى شاء ففي المدونة الجواز كما رأيته ونص في العتبية على المنع ولو منع التصريح بالترك متى شاء وما في المدونة صواب.
فإن قيل: كيف هو أصوب مع أن الجعل لا يجوز فيه ضرب الأجل؟
قيل: لما صرح بالترك متى شاء، لم يبق أجل البتة وشبهه في العتبية بالتقاضي: تقاضي مالي شهراً ولك نصفه، أو ما تقاضيت فلك بحسابه [٦١٥/ أ] ومتى شئت أن تخرج فهذا لا يجوز إذا لم يتم الشهر. ولو تقاضيا شيئاً ذهب عناؤه باطلاً.