وذكر المصنف في كرائها أربعة أقوال: المشهور وهو مذهب المدونة أنه لا يجوز كراؤها بشيء من الطعام كان مما تنبته كالفول والحمص أم لا كالعسل والسمن ولا يجوز أيضاً كراؤها بما تنبته طعاماً أو غيره كالقطن ويجوز بالقصب: وهو بفتح الصاد المهملة.
وهكذا قال ابن شاس وصاحب التلقين وأما الخشب فذكره في المدونة وزاد العود والحطب والجذوع قيل لسحنون في كتاب ابنه: ولم جاز كراؤها بهذه الأشياء وهي كلها مما تنبته الأرض؟
فقال: هذه الأشياء يطول مكثها ووقتها فلذلك سهل فيها.
ابن عبد السلام: وقد علم أن القصب دون هذه في البعد، وقال بعضهم رعياً للمعنى الذي أشار إليه سحنون: يجوز كراؤها شهرين بشيء لا يمكن أن ينبته إلا في السنة وهو غير طعام، كجواز كرائها بالشجر.
وعلل ابن الماجشون ذلك فقال: لأن الخشب ليس بزرع ونقضه الباجي بالقطن والكتان.
وحكى ابن أبي زمنين عن ابن الماجشون جواز كرائها بالقطن والزعفران في أرض لا تنبت القطن ولا الزعفران والذي حكى ابن حبيب عن جماعة سواه مثل القول الأول.
وفي الموازية جواز كرائها بالخضر، لكن تأوله الشيخ أبو محمد على أنه يريد الكلأ لأنه لا يزرع ولا بأس بكرائها بالماء.
وقوله:(سِوَاهُ) يريد: بكل ما لو أعيد فيها لم ينبت طعاماً أو غيره وقال بهذه الرواية يحيى وابن كنانة وابن مزين وقول ابن نافع هو القول الثالث.
ابن عبد السلام: ومنهم من لا يذكر فيه في الاستثناء إلا الحنطة ويسكت عما عداها ومنهم من يقول مثل قول المصنف: (إِلا الْحِنْطَةَ وَأَخَوَاتِهَا) ومنهم من يقول: إلا الحنطة والشعير والسلت؛ فعلى هذا ينبغي أن يقال: إلا الحنطة وأختها.