أي: اختُلف في وجوبِ ترتيبِ كثيرِ الفوائتِ مع الحاضرة على قولين، والْمَشْهُورِ سقوطُ الوجوب. وقوله:(وَلا تُقَدَّمُ إِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ اتِّفَاقاً) أي: لا يقدم الكثير من الفوائت على الحاضرة إذا ضاق وقتُ الحاضرة. وحاصلُه أن الشاذ إنما يقول بوجوب ترتيبِ كثيرِ الفوائت مع سعةِ الوقتِ، وفي كلامِه نظرٌ لمَا نقلَه اللخميُّ، ولفظه: وقال محمد بن مسلمة: يَبدأ بالمنسيات– وإنْ كثرتْ– إذا كان يأتي بجميعِها مرةً واحدةً. قال: ولو أنَّ رَجلاً صلى جُنبًا شهرين– ولم يعلم– فإنه يَبتدئ بها – قَبْلَ صلاةِ يومِه وإن خرجَ وقتُها– إذا كان لا يُفارقها حتى يصلي جميعها. وقال محمد بن عبد الحكم: إذا كانت صلوات كثيرة– فإن صلاها كلها فاته وقت الحاضرة– فإنه يصلي بعض تلك الصلوات، فإذا خاف فواتها صلاها ثم صلى ما بقي. انتهى. فقول ابن مسلمة ينقض الاتفاق الذي ذكره المصنف، وقد ذكر ذلك المازري، والله أعلم. قال اللخمي: واختلف إذا ذكر صلوات كثيرة، وهو في أول وقت التي هو فيها، في أول وقت الظهر أو العصر، فقال ابن القاسم: إذا كان يقدر على أن يصلي ما نسي والظهر والعصر قَبْلَ الغروبِ بَدَأَ بما نَسِيَ، وإِلا بَدَأَ بالحاضرةِ. واختلف النقلُ عن مالك، فرُوي عنه كذلك، ورُوي عنه أنَّ المُرَاعَى الاصفرارُ. وقال أشهب وابن حبيب: المراعى في ذلك الوقت المختار، انتهى.
قوله:(وَتُقْضَى) نَبَّه فيه على خلافِ أهلِ الظاهرِ في قولهم: أنه يسقط القضاء عن العامد. وهو لازمٌ؛ لقولِ ابنِ حبيبٍ القائلِ بتكفيرِ تاركِ الصلاةِ، على أنَّ بعضَهم نَسَبَ السقوطَ مع العمدِ لمالكٍ، لكنْ أنكر عياضٌ نسبتَه إليه.