أي: سقط جميع الجعل بترك المجعول له تمام العمل، وقد قال ذلك في الإجارة إذا هرب الصانع، المشهور في الإجارة أنها تكرى عليه، فإن استأجر العامل من أتم العمل فإن له حينئذٍ أن يرجع عليه.
قوله:(إِلا أَنْ يَسْتَاجِرَ الْجَاعِلُ) يريد: أو يجاعل؛ إذ لا فرق بينهما.
وقوله:(فَيَكُونَ لَهُ مَا بَقِيَ .. إلخ) يعني: اختلف إذا اكترى بما يجب للمجعول له؛ فقال مالك في العتبية: يكون له بنسبة ما بقي، فإذا جاعله على الإتيان بخشبة بخمسة فحملها نصف الطريق ثم ترك وجاعل عليها ثانياً بعشرة فإنه يكون للأول خمس نسبة جعل الثاني، واعترضه ابن يونس فقال: الأول قد رضي أن يحملها جميع الطريق بخمسة فكان يجب على هذا أن يعطى نصفها؛ لأنه إنما حملها نصف الطريق والمغابنة جائزة في الجعل وغيره، وإلى هذا الاعتراض أشار التونسيز
ابن عبد السلام: وقد يجاب عنه بأن عقد الجعالة لما كان منحلاً من جانب المجعول له بعد العمل، فإذا ترك بعد حمل نصف المسافة صار تركه لها إبطالاً للعقد من أصله، فإذا اكترى ربها على حملها انتفع بالحمل الأول فتلزمه قيمته، لكن إنما يحسن هذا إذا كانت الإجارة ثانياً بقية العمل فأقل، ولا يحسن إذا كانت بأكثر على الاعتراض المذكور فلا يجب للثاني إلا درهمان ونصف. وحمل ابن راشد القول الثاني في كلام المصنف على اختيار ابن يونس، ويحتمل أن يريد به ما كان لابن القاسم بقوله: إن له قيمة عمله يوم عمل، ويكون معناه ما لم يزد على نسبة قيمة عمله يوم عمل الأول.