للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأن المصنف- والله أعلم- لما رأى ابن شاس ذكره مجملاً ولم يبينه اعتقد أنه وقع كذلك في قوله، وقد بينه في البيان فقال: إن قال: إن وجدته فلك كذا وإن لم تجده فلك نفقتك.

فهذا يرجع إلى إجارة المثل؛ لأنه جعله في الوجهين وليس بحقيقة الجعل، وإن كان لم يسمِّ شيئاً إلا في الإتيان به ولا شيء له إلا أن يأتي به فإنه يرجع إلى جعل المثل، قال: وهو أظهر الأقوال، واختاره ابن حبيب وحكاه عن مالك مطرف وابن الماجشون، وحكى قولين آخرين أحدهما في العتبية: له جعل مثله إذا وجده وأجر مثله إذا لم يجده، والثاني في المدونة: في الذي يقول: إن جئتني بعبدي الآبق فلك نصفه، قال: له إجارة مثله إن أتى به، وإن لم يأتِ به فلا جعل له ولا إجارة، قال: لا حظَّ له في القياس. [٦٣٠/ب].

وَمُشَارَطَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْبُرْءِ وَالْمُعَلِّمِ عَلَى الْقُرآنِ وَالْحَافِرِ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَاءِ بِتَعْرِيفِ شِدَّةِ الأَرْضِ وَبُعْدِ الْمَاءِ، وَكِرَاءُ السَّفِينَةِ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْجُعْلِ وَالإِجَارَةِ ...

هكذا ذكر ابن شاس هذه الأربعة وزاد المغارسة وهو أن يعطي الرجل أرضه لمن يغرس عدداً من الأشجار، فإذا بلغت كذا وكذا كانت الأشجار والأرض بينهما، قال: وكل هذه الفروع يختلف فيها وسبب الخلاف في جميعها ترددها بين العقدين.

ابن عبد السلام: وظاهر المذهب أن هذه الفروع كلها من الإجارة على البلاغ إلا مسألة الحافر فإنها من الجعالة، ولا يقال: إن الإجارة على البلاغ مساوية للجعل في أن الأجرة لا تستحق إلا بتمام العمل؛ لأنه لا يلزم من استوائهما في هذا الوجه استواؤهما في غيره، فإن الإجارة على البلاغ لازمة بالعقد بخلاف الجعالة.

ونص سحنون على أن الأصل في هذا الجعالة. ووجه تردد هذه الأمور بين الإجارة والجعالة بأنه لما لم يكن للعامل شيء إلا بتمام العمل شابهت الجعالة، ولما كان إذا ترك الأول العمل ثم كمل غيره يكون للأول بحسابه كما تقدم شابهت الإجارة.

قوله: (بِتَعْرِيفِ شِدَّةِ الأَرْضِ وَبُعْدِ الْمَاءِ) للمصاحبة، وهي تجري مجرى الشرطية.

<<  <  ج: ص:  >  >>