للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عبد السلام: وترك المصنف مذهب ابن القاسم في المدونة أنه لا يجوز إحداث بئر تضرُّ بالجارِ اضطر محدثها إليها أم لا، قال: وخلاف ابن القاسم وأشهب عام في الأرض التي ملكت بإحياء أو بغيره، والأظهر مذهب أشهب والله أعلم، لأن ضررهما متقابل ويترجح من أراد الإحداث بأنه تصرف في ملكه.

وَلا تُمْنَعُ الأَبْرِجَةُ وَالأَجْبَاحُ إِلا أَنْ تُعْلَمَ الْمَضَرَّةُ للسَّابِقِ

(الأَبْرِجَةُ) للحَمَام (وَالأَجْبَاحُ) للنَّحْل.

ابن عبد السلام: والمضرة بالسابق إن كان لدخول حمام الأول أو نحله في الثاني فظاهر، وإن أُمِن ذلك لكن يقل دخول ذلك في الأول فاختلف المذهب في رعي ضرره على قولين والأقرب مراعاته والله أعلم، أما لو كانوا لغير برج وقالوا إن ذلك يضرهم في زرعهم وشجرهم وطلبوا منعه من ذلك فقولان: أحدهما أنه لا يمنع من ذلك وهو قول ابن كنانة وأصبغ، قال أصبغ: والحمام والدجاج والإوز والماشية لا يمنع من اتخاذه وإن أضرت وعلى أهل القرية حفظ زرعهم وأشجارهم وقاله ابن القاسم، وقال مطرف وابن حبيب: يمنع إلا أن تكون كالماشية، قال لأن هذه طائرة ولا يقدر على الاحتراز مها.

فَإِنْ دَخَلَ حَمَامٌ أَوْ نَحْلٌ لا يُمْكِنُهُ رَدُّهُ فَهُوَ كَصَيْدٍ نَدَّ

قوله: (لا يُمْكِنُهُ رَدُّهُ) يعني ولو أمكنه رده رد اتفاقاً، قاله اللخمي واستشكل لأن إيواء الحمام إلى ملك الأول لا يوجب ملكه إذا لم يزل عن حالة التوحش إذا ند قبل وضع اليد عليه إن آوى إلى نخل الرجل لا يرد للأول، وأما إن لم يمكن رده فقال في المدونة: يكون للثاني ولا يرد للأول، وإليه أشار بقوله: (كَصَيْدٍ نَدَّ) ولم يقل فهو للثاني ليدخل في كلامه قول ابن حبيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>