للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (وَمَنْعُهُ) مقيد بما إذا لم يؤد ذلك إلى هلاك قوم فيجب عليه حينئذ، وهل له أن يأخذ العوض عنه؟ قولان: قال في المدونة: وكل من وجد في أرضه أو داره بئراً فله منعها وبيع مائها وله منع المارة منها إلا بثمن معهم وإن تركوا من غير ماء هلكوا. وقال أيضاً فيها في الذي انهارت بئره وخاف على زرعه أنَّ له أن يسقي بماء جاره الذي يجوز بيعه بغير ثمن.

ابن يونس: وإحياء النفوس أعظم من إحياء زرعه بغير عوض فلا.

وَمَا يَسِيلُ مِنَ الْجِبَالِ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ يُسْقَى بِهِ الأَعْلَى فَالأَعْلَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُرْسِلُهُ ...

لما في الموطأ أنه عليه السلام قال لسيل مَهْزُورٍ ومُذَيْنِبٍ "يُمْسَكُ حتى الكعبين ثم يُرْسِلُ الأعلى على الأسفل". ومهزور ومذينب واديان بالمدينة يسيلان. وفي الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال للزبير لما أتى مخاصماً لغيره: "اسقِ يا زبيرُ ثم أرسلِ الماءَ إلى جارِكَ، فغضب الأنصاري فقال: يا رسول الله أن كان ابن عمتك، فتلوَّنَ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثَمَّ قال: يا زبيرُ اسقِ ثم احبسِ الماءَ حتى يبلغَ الجُدُرَ، قال الزبيرُ: فنزلت {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ} [النساء: ٦٥] الآية" ونظرنا في قوله عليه السلام "احبس الماء" حتى بلغ الجدر فكان إلى الكعبين. قال الأئمة: وكأنه صلى الله عليه وسلم ندب الزبير إلى إسقاط حقه رعياً للمجاورة، فلما تكلم بذلك الرجل استوفى للزبير حقه. وقوله: (الأَعْلَى) ظاهر التصور.

ابن نافع: والنيل كذلك، فإن كان الجنانان متقابلين قسم الماء بينهما وإن كان الأسفل مقابلاً لبعض الأعلى حكم لمقابل الأعلى بحكم الأعلى والمقابل الأسفل بحكم مقابله. واختلف هل قوله عليه السلام: "إلى الكعبين" بعد ري الجنان وإليه ذهب ابن الماجشون ومطرف

<<  <  ج: ص:  >  >>