بحاجتهم، ومن استغنى منهم فليس له أن يعطيه غيره وهو قول ابن الماجشون وأصبغ وابن حبيب، وهو قول أصحابنا وروايتهم عن مالك. ونقل الباجي عن المجموعة أيضاً أنه قال فيها قال مالك: لا يجوز بيع بئر الماشية.
قال عبد الوهاب: وظاهر قوله عليه السلام "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ".
الباجي: وظاهر المدونة أن المنع على الكراهة، ففي الجعل والإجارة: أراه حراماً أي بيع الماء وبيع أصل البئر.
وصح فيها في موضع آخر بالكراهة قال: وعندي أن الكراهة إذا حفر على معنى الانفراد، وأما إذا حكم له بحكم الإباحة فالتحريم.
ولذلك حمل صاحب البيان ما في المدونة الكراهة أنَّه حفرها لنفسه، وما في المجموعة على أن مالكاً لم يصدّقه في ادعائه أنه حفرها لنفسه، قال: وعلى هذا تتفق الروايات وهو أولى من حملها على التعارض، وصاحبها أو ورثته أي بعد موته أحق بكفايته يحتمل في أنفسهم ويحتمل في أنفسهم ودوابهم، والأول أولى ففي المقدمات: يبدأ أولاً أهل الماء ثم المارة حتى تروى ثم دواب أهل الماء ثم دواب المارة ثم مواشي أهل الماء ثم الفضل لسائر الناس. وقال أشهب: دواب المسافرين قبل دواب أهل الماء ثم التبدية لجميع ما يروى به إن كان الماء كافياً للجميع، وإن لم يكن في الماء فضل بدئ بأنفس المجهدين ودوابهم وإن استووا عند أشهب بدئ بالمسافرين.
قال ابن لبابة: إذا استووا في الجهد فأهل الماء أحق بالتبدية لأنفسهم ودوابهم وإن قل الماء جداً وخيف على بعضهم بتبدية بعض أخذ الماء بقدر ما يذهب عنهم الخوف ثم المسافرون كذلك ثم دواب أهل الماء، قال: ولا خلاف عندي في هذا الوجه، انتهى.