ثم في قوله:(وَهِيَ هِبَةُ الْمَنْفَعَةِ حَيَاتَهُ) فائدة أخرى وذلك؛ لأنه لما قال:(كَقَوْلِهِ: أَعْمَرْتُكَ دَارِي أَوْ ضَيْعَتِي) خاف أن يتوهم قصرها على العقار فعرَّفها بما يعم العقار وغيره. فقد روى ابن القاسم عنمالك في باب العارية جواز العمرى في الرقيق والحيوان، قال: ولم أسمع من مالك في الثياب شيئاً، وهي عندي على ما أعارها من الشرط، وكذلك نص على أن الحلي عنده كذلك في باب الهبة.
قوله:(حَيَاتَهُ) أي: حياة الآخذ؛ فإذا مات المعمَر بفتح الميم اسم مفعول رجعت إلى ربها أو لورثته إن مات، ولا فرق في المذهب بين أن تكون معقبة كـ (أَعْمَرْتُكَ) أم لا.
وقال أبو حنيفة والشافعي رضي الله عنهما: لا تعود لربها وهي للمعمر أعقبها أم لا. وقال ابن شهاب: مذهبنا: إن لم يعقبها، وبالثاني إن أعقبها لما رواه وغيره عنه عليه السلام أنه قال:"أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها". هذا لأنه أعطاها إعطاء أوقعت فيه للمواريث، وجوابه ما قال مالك بإثره: أن العمل ليس عليه وأن المسلمين عند شروطهم. على أن بعض أصحابنا أوَّل الحديث وقال: المراد به أنه أعطى المنافع لرجل وعقبه فإنه لا تكون له ولعقبه، ولا يبطل حق عقبه بموته بل حتى ينقرض العقب.
خليل: وقول مالك في الموطأ: "ليس العمل على هذا" يقتضي أنه فهمه على خلاف هذا التأويل.
صاحب الاستذكار: وسواء عند مالك وأصحابه ذكر ذلك بلفظ العمرى أو السكنى أو الاستغلال أو الإفقار أو الإخبال ونحو ذلك من العطايا.